तफ़्सीर
تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني
शैलियों
[67]
قوله عز وجل : { وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } ؛ هذه الآية نزلت بعد قوله تعالى : { وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها }[البقرة : 72] وإن كانت مقدمة في التلاوة ؛ لأن قتل النفس كان قبل ذبح البقرة.
والقصة فيه ما روي : أن بني إسرائيل قيل لهم في التوراة : أيما قتيل وجد بين قريتين فليقس إلى أيهما أقرب ؛ ثم ليؤخذ لأهل تلك القرية وليحلف خمسون شيخا من شيوخهم بالله ما قتلوه ولا علموا له قاتلا. فقتل رجلان من بني إسرائيل ابن عم لهما اسمه عاميل ليرثاه ؛ وكانت لهما ابنة عم حسنة ، فخافا أن ينكحها ؛ فقتلاه لذلك وحملاه إلى جانب قرية فأخذ أهل تلك القرية به فجاءوا إلى موسى عليه السلام ، وقالوا : أدع الله تعالى أن يطلعنا على قاتله ، فأوحى الله إليه : امرهم أن يذبحوا بقرة ، فأمرهم بذلك ليضرب المقتول ببعض تلك البقرة فيحيى فيخبرهم بمن قتله. ف : { قالوا أتتخذنا هزوا } ؛ أي تستهزئ بنا يا موسى حين سألناك عن القتل وتأمرنا بذبح بقرة!! وإنما قالوا ذلك لتباعد الأمرين في الظاهر ؛ ولم يدروا ما الحكمة فيه.
وقرأ ابن محيص : (أيتخذنا) بالياء يعنون الله عز وجل. ولا يستبعد هذا من جهلهم ؛ لأنهم هم الذين قالوا : { اجعل لنآ إلاها كما لهم آلهة }[الأعراف : 138]. وفي قوله عز وجل : (هزوا) ثلاث لغات : (هزوا) بالتخفيف والهمز ومثله كفوا ؛ وهي قراءة الأعمش وحمزة وخلف. و(هزؤا) و(كفؤا) مهموزان مثقلان ، وهي قراءة أبي عمرو وأهل الحجاز والشام والكسائي. وهزوا وكفوا مثقلان بغير همز هي قراءة حفص عن عاصم ، وكلها لغات صحيحة فصيحة معناها الاستهزاء.
ف : { قال } ؛ لهم موسى : { أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين } ؛ أي أمتنع بالله أن أكون من المستهزئين بالمؤمنين.
فلما علم القوم أن ذبح البقرة عزم من الله ، { قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي } ، أي ما هذه البقرة ؛ كبيرة أم صغيرة ؟ وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " والذي نفس محمد بيده ؛ لو أنهم عمدوا إلى أدنى بقرة فذبحوها لأجزت ، ولكن شددوا على أنفسهم بالمسألة فشدد الله عليهم " إنما كان تشديدهم تقديرا من الله عز وجل وحكمة منه.
وكان السبب فيه : أن رجلا من بني إسرائيل كان بارا بأبويه ، وبلغ من بره أن رجلا أتاه بلؤلؤة فابتاعها بخمسين ألفا ، وكان فيها فضل. فقال : إن أبي نائم ومفتاح الصندوق تحت رأسه ، فأمهلني حتى يستيقظ وأعطيك الثمن. قال : فأيقظه وأعطني الثمن. قال : ما كنت لأفعل ، قال : أزيدك عشرة آلاف إن أيقظت أباك وعجلت النقد. فقال : وأنا أزيدك عشرين ألفا إن انتظرت انتباه أبي ؛ ففعل ولم يوقظ الرجل أباه ؛ فأعقبه الله ببره أباه أن جعل البقرة تلك بعينها عنده.
पृष्ठ 71