तफ़्सीर
تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني
शैलियों
[255]
قوله عز وجل : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } ؛ ذكر وحدانية الله تعالى وصفته ؛ ليعلم أن من كان بهذه الصفة لا يخفى عليه كفر من كفر ومعصية من عصى ؛ فيجازي كل عابد على ما عمل. فأول هذه الآية نفي معبود الكفار وإثبات معبود المؤمنين ؛ وإثبات الشيء مع نفي غيره أبلغ في الإثبات ، كأنه قال : (الله لا إله إلا هو) دون غيره ، وهو المعبود لا معبود للخلق سواه.
ومعنى { الحي القيوم } الدائم الذي لا يموت موصوف بالبقاء على الأبد ، وبه حيى كل حي. وأما القيوم فهو القائم بتدبير الخلق في شأنهم وأرزاقهم وأعمالهم وآجالهم ومجازاتهم على عملهم ، وقيل : معنى القيوم العالم بالأمور من قولهم : فلان يقوم بهذا الكتاب ؛ أي يحسنه ويعلم ما فيه. وقيل : معنى { الحي القيوم } الدائم الذي لا يزول.
قوله عز وجل : { لا تأخذه سنة ولا نوم } ؛ أي لا يأخذه نعاس ولا نوم. والنعاس : اسم لأول ما يدخل في الرأس من النوم قبل وصوله إلى القلب. والنوم هو الذي يصل إلى القلب فيستثقل. ومعنى الآية : لا يغفل عن تدبير الخلق ، فإن قيل : ما معنى نفي النوم بعد نفي النعاس ؟ قلنا : مثل هذا اللفظ إنما يكون لنفي قليل النوم وكثيره ، ونظيره قول العرب : فلان لا يملك قليلا ولا كثيرا.
قوله تعالى : { له ما في السماوات وما في الأرض } ؛ أي هو مالك السموات والأرض وما فيهما ، كلهم عبيده وإماؤه وتحت قبضته وقدرته.
قوله تعالى : { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } ؛ هذا جواب عن قول المشركين في أصنامهم : { هاؤلاء شفعاؤنا عند الله }[يونس : 18] و{ ما نعبدهم إلا ليقربونآ إلى الله زلفى }[الزمر : 3] ؛ أي لا يشفع أحد لأحد عند الله إلا بأمره ورضائه ، كما يشفع المؤمنون بعضهم لبعض بالدعاء ، وكما يشفع الأنبياء للمؤمنين.
قوله تعالى : { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } ؛ أي { يعلم ما بين أيديهم } من أمر الآخرة ، { وما خلفهم } من أمر الدنيا. قال مجاهد : على العكس من هذا. وقيل : يعلم الغيب الذي تقدمهم والذي يكون بعدهم.
قوله تعالى : { ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شآء } ؛ أي لا يعلمون الغيب لا مما تقدمهم ولا مما يكون بعدهم إلا بما شاء الله أن يعلموه ، وهو ما أنبأ به الأنبياء صلوات الله عليهم.
قوله تعالى : { وسع كرسيه السماوات والأرض } ؛ قال ابن عباس : (كرسيه : علمه) ، فلا يخفى عليه شيء مما في السموات والأرض. وقيل : وسعت قدرته التي يمسك بها السموات والأرض. وقال الحسن : (الكرسي : هو العرش) ، ويقال : هو سرير دون العرش ، ويقال : هو مكان خلق الله فيه السموات والأرض. وقال عطاء والكلبي ومقاتل : (السموات السبع والأرضون السبع تحت الكرسي في الصغر كحلقة في فلاة)
وقال الكلبي : (يحمل العرش أربعة أملاك ، لكل ملك أربعة أوجه ؛ وجه إنسان ، ووجه ثور ، ووجه أسد ، ووجه نسر.
पृष्ठ 235