165

तफ़्सीर

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

शैलियों

व्याख्या

[178]

قوله عز وجل : { ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } ؛ نزلت هذه الآية في الأوس والخزرج وكان بينهما قتلى وجراحات في الجاهلية ، وكان لأحدهما طول على الآخر في الكثرة والشرف ، فأقسموا ليقتلن بالعبد منا الحر منهم ؛ وبالمرأة منا الرجل منهم ؛ وبالرجل منا الرجلين منهم ، وجعلوا جراحاتهم ضعفي جراحات أولئك ، فلم يأخذها بعضهم من بعض حتى جاء الإسلام ، فرفعوا أمرهم إلى رسول الله صلى الله عيله وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية وأمرهم بالمساواة ؛ فرضوا وسلموا.

قوله تعالى : { فمن عفي له من أخيه شيء } ؛ قيل : إن (من) اسم القاتل من ترك له القود وصح عنه من القصاص في قتل العمد ؛ فرضي منه بالدية ، وقوله : { من أخيه } أي من أخ المقتول منه ؛ فيسع العافي بالمعروف ؛ أي بترفق في طلي الدية من القاتل ولا يعسر ؛ وليؤد القاتل إليه بإحسان ؛ أي لا يبخس ولا يماطل ، هذا قول أكثر المفسرين. قالوا : العفو : أن يقبل الدية في قتل العمد ، وقيل في تأويله : إن العفو في اللغة ما سهل وتيسر ، قال الله تعالى : { خذ العفو }[الأعراف : 199] ؛ أي ما سهل من الأخلاق ، فعلى هذا يكون قوله تعالى : (فمن عفي له) أي ولي القتيل إذا بدل له من بدل أخيه شيء من المال من جانب القاتل ؛ ف له { فاتباع بالمعروف } ؛ أي فليقبله ، { وأدآء } ؛ أي ليؤد ، { إليه } ، القاتل { بإحسان }.

قوله تعالى : { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } ؛ أي أن الصلح عن القصاص على شيء من الدية أو غير ذلك تسهيل من ربكم عليكم ، رحمة رحمكم الله بها ؛ وذلك أن الله كتب على أهل التوراة في النفس والجراح أن يقيدوا ولا يأخذوا الدية ولا يعفوا ، على أهل الإنجيل أن يعفوا ولا يقيدوا ولا يأخذوا الدية ، فخير الله هذه الأمة بين القصاص والدية والعفو.

قوله تعالى : { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } ؛ أي إذا قتل الولي قاتل وليه بعد أخذ الدية منه فله عذاب أليم : القتل في الدنيا والنار في الآخرة ، ومن قتل بعد أخذ الدية يقتل ولا يعفى عنه ، قال صلى الله عليه وسلم : " لا أعافي رجلا قتل بعد أخذ الدية ".

وفي هذه الآية دليل على أن القاتل لا يصير كافرا ولا يخلد في النار ؛ لأن الله تعالى خاطبهم فقال : { ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم } وقال في آخر الآية : { فمن عفي له من أخيه شيء } فسمى القاتل أخا للمقتول ، وقال تعالى : { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } وهما يلحقان المؤمنين دون الكفار. ويروى أن مسروقا : (سئل هل للقاتل توبة ؟ فقال : لا أغلق بابا فتحه الله).

पृष्ठ 165