तफ्कीर फरीदा इस्लामिया
التفكير فريضة إسلامية
शैलियों
إن الإسلام قد وضع التصوف موضعه الذي يصلح به، ويصلح من يريده، فليس هو بواجب، وليس هو بممنوع، ولكنه ملكة نفسية موجودة في بعض الطبائع لازمة لمن وجدت في طبائعهم، وألزم ما تكون لهم حين تفترق مقاييس الأخلاق ومعايير القيم الروحية بينهم وبين مجتمعاتهم، فإن الفرد إذا افترق ما بينه وبين مجتمعه من هذه القيم تجنبه بالرهبانية - ولا رهبانية في الإسلام - أو صاغ فضائله على وفاق ضميره وهو مقيم في مجتمعه لا حسيب عليه بينه وبين ربه. وتلك هي شريعة الإسلام الذي لا سلطان فيه لمخلوق على مخلوق في طاعة الله ...
ومهما تكن للنفس الإنسانية من ملكة خلقية أو روحية، فتلك أمانة لا تفريط فيها، ولا خير في المجتمع الذي يفرط فيها ويسلمها للضياع. وقد يجوز إحياء الملكة الصوفية على ملكات أخرى، كما يجوز التخصص في كل قدرة على غيرها من عوامل القدرة في الطبائع والعقول، ولكنها لازمة التخصص التي لا فكاك منها، فإما التخصص والاحتفاظ، وإما الإهمال والانقطاع ...
وليس في التخصص - كما قلنا في كتاب الفلسفة القرآنية - إيجاب شيء واستنكار شيء، وإنما هو سبيل التعميم والاستفادة من كل ملكة في الذهن والذوق والروح. ولا يوجب الإسلام التنسك على جميع المسلمين؛ لأن أناسا منهم تخصصوا له وفضلوه على مطالب الروح أو مطالب الجسد الأخرى، ولكنه يجيزه بالقدر الذي بيناه، وهو القدر الذي لا غنى عنه في تدبير حياة الإنسان ...
فالملكات الإنسانية أكثر وأكبر من أن ينالها إنسان واحد، ولكنها ينبغي أن تنال، فكيف يمكن أن تنال؟
إنها لا تنال إلا بالتخصص والتوزيع، ولا يتأتى هذا التخصص أو هذا التوزيع إذا سوينا بينها جميعا في التحصيل، وألزمنا كل أحد أن تكون له أقساط منها جميعا على حد سواء ...
ولا نقصر القول هنا على الملكات العقلية أو الروحية التي لا يسهل إحصاؤها ولا تحصيلها، ولكن نعم به هذه الملكات، ومعها ملكات الحس والجسد، وهي محدودة متقاربة في جميع الناس ...
فهذه الملكات الجسدية - فضلا عن الملكات العقلية والروحية - قابلة للنمو والمضاعفة إلى الحد الذي لا يخطر لنا على بال ولا نصدقه إلا إذا شهدناه ...
وقد رأينا ورأى معنا ألوف من الناس رجلا أكتع يستخدم أصابع قدمه في أشياء يعجز الكثيرون عن صنعها بأصابع اليدين؛ يكتب بها، ويشعل عيدان الثقاب، ويصنع بها القهوة، ويصبها في الأقداح ويشربها، ويديرها على الحاضرين، ويسلك الخيط في سم الإبرة، ويخيط الثوب الممزق، ويوشك أن يصنع بالقدم كل ما يصنع باليمين أو باليسار ...
ورأينا ورأى معنا ألوف من الناس لاعبي البليارد في المسابقات العامة يتسلمون العصا، ثم لا يتركونها إلا بعد مائة وخمسين إصابة أو تزيد - ولعلهم لا يتركونها إلا من تعب، أو مجاملة للاعبين الآخرين - وهم يوجهون بها الأكر
3
अज्ञात पृष्ठ