तफ्कीर फरीदा इस्लामिया
التفكير فريضة إسلامية
शैलियों
ولا في العقل المدرك، ولا في العقل الذي يناط به التأمل الصادق والحكم الصحيح؛ بل يعم الخطاب في الآيات القرآنية كل ما يتسع له الذهن الإنساني من خاصة أو وظيفة، وهي كثيرة لا موجب لتفصيلها في هذا المقام المجمل؛ إذ هي جميعا مما يمكن أن يحيط به العقل الوازع، والعقل المدرك، والعقل المفكر الذي يتولى الموازنة والحكم على المعاني والأشياء ...
فالعقل في مدلول لفظه العام ملكة يناط بها الوازع الأخلاقي، أو المنع عن المحظور والمنكر، ومن هنا كان اشتقاقه من مادة «عقل» التي يؤخذ منها العقال، وتكاد شهرة العقل بهذه التسمية أن تتوارد في اللغات الإنسانية الكبرى التي يتكلم بها مئات الملايين من البشر؛ فإن كلمة «مايند»
Mind - وما خرج من مادتها في اللغات الجرمانية - تفيد معنى الاحتراس والمبالاة، وينادى بها على الغافل الذي يحتاج إلى التنبيه.
ونحسب أن اللغات في فروعها الأخرى لا تخلو من كلمة في معنى العقل لها دلالة على الوازع أو على التنبيه والاحتراس ...
ومن خصائص العقل ملكة الإدراك التي يناط بها الفهم والتصور، وهي على كونها لازمة لإدراك الوازع الأخلاقي، وإدراك أسبابه وعواقبه، تستقل أحيانا بإدراك الأمور فيما ليس له علاقة بالأوامر والنواهي، أو بالحسنات والسيئات ...
ومن خصائص العقل أنه يتأمل فيما يدركه، ويقلبه على وجوهه، ويستخرج منه بواطنه وأسراره، ويبني عليها نتائجه وأحكامه. وهذه الخصائص في جملتها تجمعها ملكة «الحكم»، وتتصل بها ملكة الحكمة، وتتصل كذلك بالعقل الوازع إذا انتهت حكمة الحكيم به إلى العلم بما يحسن وما يقبح، وما ينبغي له أن يطلبه، وما ينبغي له أن يأباه ...
ومن أعلى خصائص العقل الإنساني «الرشد»، وهو مقابل لتمام التكوين في العاقل الرشيد، ووظيفة الرشد فوق وظيفة العقل الوازع، والعقل المدرك، والعقل الحكيم؛ لأنها استيفاء لجميع هذه الوظائف، وعليها مزيد من النضج والتمام والتميز بميزة الرشاد؛ حيث لا نقص ولا اختلال. وقد يؤتى الحكيم من نقص في الإدراك، وقد يؤتى العقل الوازع من نقص في الحكمة، ولكن العقل الرشيد ينجو به الرشاد من هذا وذاك ...
وفريضة التفكير في القرآن الكريم تشمل العقل الإنساني بكل ما احتواه من هذه الوظائف بجميع خصائصها ومدلولاتها؛ فهو يخاطب العقل الوازع، والعقل المدرك، والعقل الحكيم، والعقل الرشيد، ولا يذكر العقل عرضا مقتضبا؛ بل يذكره مقصودا مفصلا على نحو لا نظير له في كتاب من كتب الأديان ... •••
فمن خطابه إلى العقل عامة - ومنه ما ينطوي على العقل الوازع - قوله تعالى في سورة البقرة:
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون .
अज्ञात पृष्ठ