165

वैज्ञानिक विचार और समकालीन वास्तविकताओं की नवीनता

التفكير العلمي ومستجدات الواقع المعاصر

शैलियों

31

وتلجأ كما تلجأ الوضعية المنطقية الجديدة في الدفاع عن وجهة نظرها إلى تحليل اللغة، وكأن الوجود الواقعي يتوقف فقط على المفاهيم اللغوية.

32

كما أثارت مدرسة كوبنهاجن مجموعة من القضايا الإبستمولوجية منها قضية الذاتية والموضوعية في المعرفة العلمية، وبالأخص فيما يتعلق بالعالم المتناهي في الصغر. إن عدم خضوع الجسيمات الأولية للتحديد الدقيق، كما كشف عنه مبدأ اللايقين، يرجع فيه إلى تداخل آلات القياس تدخلا يجعل من الصعب الفصل في نتائج القياس بين ما يعود إلى الموضوع الملاحظ وما يرجع إلى عملية القياس وأدواته. هذا معطى من معطيات البحث العلمي في مرحلة معينة من تطوره؛ وبالتالي فلا يمكن إهماله. غير أن فكر مدرسة كوبنهاجن قام على فهم العلاقة بين الذات والموضوع فهما وحيد الجانب؛ حيث أكد دعاة تلك المدرسة على الصفة الذاتية في الفيزياء الحديثة، كما عولوا على تداخل أدوات القياس مع الظاهرة العلمية، وأن عملية القياس تعد تأثيرا ذاتيا أو انعكاسا إنسانيا على الطبيعة الخارجية بشكل يثير اضطرابا في العملية الفيزيائية ويجعل قياساتنا غير يقينية.

وبالتالي أنكرت مدرسة كوبنهاجن الصفة الواقعية-الموضوعية للشيء الفيزيائي الكوانتي (الدقائق الصغرى كالإلكترونات مثلا) نكرانا كليا أو جزئيا، وذلك بعد أن ركزوا على أن الظواهر التي يدرسها العالم لا تملك أي واقع فيزيائي موضوعي قائم بذاته وباستقلال عن طريق اختبارها وملاحظتها والقياس عليها؛ أي إنها لا توجد إلا بالنسبة لذات تختبرها وتجرب عليها؛ لذا فالقضايا العملية لا تشير إلى الواقع الموضوعي، بل إلى إجراءاتنا وطرقنا التجريبية؛ أي إن الظواهر لن يكون لها وجود موضوعي مستقل عمن يدركها، وهي في الأخير ليست سوى مركبات ذهنية من الإحساسات. وبهذا يعيدون إلى الأذهان سيرة «إرنست ماخ»، الذي يميز بين المعرفة الحسية؛ أي معرفة الواقع مثلما تمدنا به حواسنا، ومعرفة الواقع في ذاته التي هي معرفة مستحيلة؛ وبالتالي يعيدون المثالية الكانطية والتي لم يعمل ماخ سوى على تنقيتها وتطهيرها من الشوائب الميتافيزيقية العالقة بها، كفكرة الشيء في ذاته، حتى تمتزج بآراء هيوم وبركلي وتتفق معها.

33

وفي هذا يؤكد «هيزنبرج» أنه «يجب أن نلاحظ أن تفسير كوبنهاجن لنظرية الكم ليس على الإطلاق وضعيا؛ فبينما تركز الوضعية على أن عناصر الواقع هي الإدراكات الحسية للمراقب، فإن تفسير كوبنهاجن يعتبر الأشياء والعمليات التي يمكن وصفها بلغة المفاهيم الكلاسيكية، نعني الواقعية، أساسا لأي تفسير فيزيائي. في نفس الوقت سنلاحظ أننا لا نستطيع تجنب الطبيعة الإحصائية لقوانين الفيزياء الميكروسكوبية؛ لأن أية معرفة عن الواقعي هي بذات طبيعتها معرفة ناقصة بسبب قوانين الكم النظرية.»

34

ومن ناحية أخرى فقد تمكنت مدرسة كوبنهاجن بزعامة بور وهيزنبرج أن تروج لتفسير مفاده استحالة معالجة الظواهر الذرية بواسطة مفهوم الحتمية؛ نظرا لعلاقات الارتياب واستحالة الاستمرار في الاعتقاد في الوجود المادي الواقعي والموضوعي للجسيمات الذرية. وبهذا المعنى يغدو من الصعب، في نظرها، الحديث عن «واقع»؛ لأن هذا الأخير في ميدان الذرة يختلف اختلافا أساسيا عن الواقع في الميدان الميكروسكوبي؛ أي في مستوى الظواهر التي نتعامل معها في حياتنا اليومية الاعتيادية. وانطلاقا من نفس الاعتبارات، نفوا أن تكون نتائج قياساتنا وتجاربنا في المستوى الذري نتائج موضوعية، نتيجة ما يؤدي إليه تدخل آلات القياس من تأثير على الظاهرة الملاحظة نفسها تأثيرا بارزا؛ حيث لا يكون للظاهرة الفيزيائية الملاحظة واقع فيزيائي إلا بالنسبة للآلة، أو لوسيلة إدراكه وقياسه.

35

अज्ञात पृष्ठ