وأسند عن ليث عن مجاهد قال: قال رجل: يا رسول الله من قرأ القرآن في سبع؟ قال: ((فذلك عمل المقربين)) قالوا: يا رسول الله فمن قرأه في خمس؟ قال: ((ذلك عمل الصديقين)) قالوا: يا رسول الله فمن قرأه في ثلاث؟ قال: ((ذلك عمل عباد النبيين وذلك الجهد ولا أراكم تطيقونه إلا أن تصبروا على مكابدة الليل ويبدأ أحدكم بالسورة وهمه في آخرها)) قالوا: يا رسول الله وفي أقل من ثلاث ؟ قال: ((لا، ومن وجد منكم نشاطا فليجعله في حسن تلاوته)) وقال محمد بن إبراهيم: سألني يحيى بن معين عن هذا الحديث وإنما مخرج هذا الكلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم على المداومة عليه، وأن يصير هذا عادة وحرفة، ولو أن رجلا قرأ القرآن في بعض أيامه، قرأ القرآن في يوم واحد أو ليلة واحدة لكان فاضلا عظيم القدر. وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه ختمه في ركعة واحدة قائما، فإنما وقت هذه المدة لمن يداوم عليها ويصيرها عادة موظفة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن يقرؤه في سبع تيسيرا على الأمة. وكان يبتدئ فيجعله ثلاث سور حزب، ثم من بعده خمس سور حزب، ثم من بعده سبع سور حزب، ثم من بعده تسع سور حزب، ثم من بعده إحدى عشر سورة حزب، ثم من بعده ثلاث عشرة سورة حزب، ثم من بعده المفصل حزب، فذلك سبعة أحزاب. وذكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان يفتتح ليلة الجمعة بالبقرة إلى المائدة، وليلة السبت بالأنعام إلى هود، وليلة الأحد بيونس إلى مريم، وليلة الاثنين بطه إلى طسم، وليلة الثلاثاء بالعنكبوت إلى ص، وليلة الأربعاء بتنزيل إلى الرحمن، ويختم ليلة الخميس. وقال بعض العلماء: وذهب كثير من العلماء إلى منع الزيادة على السبع أخذا بظاهر المنع في قوله: ((فاقرأه في سبع ولا تزد)) وإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرو عنه أنه ختم القرآن كله في ليلة ولا في أقل من السبع وهو أعلم بالمصالح والأجر، وفضل الله يؤتيه من يشاء فقد يعطي على القليل ما لا يعطي على الكثير، وقد اختار بعضهم قراءته في ثمان وكان بعضهم يختمه في خمس، وآخر في ست وبعضهم يختم في كل ليلة. وكأن من لم يمنع من الزيادة على السبع حمل قوله صلى الله عليه وسلم : ((لا تزد)) من باب الرفق وخوف الانقطاع، فإن أمن ذلك جاز، على أن ما كثر من العبادة والخير فهو أحب إلى الله تعالى، والأولى ترك الزيادة لأن قوله: ((ولا تزد على السبع)) وكذلك قوله في الخمس، خرج مخرج التعليم، والله بحقائق الأمور عليم.
وحكى أن محمد بن شجاع لما حضرته الوفاة أشار إلى بيت فقال: ختمت القرآن في ذلك البيت في الصلاة ثلاثة آلاف مرة. وعن علي بن الفضيل أنه قال لابنه: أدع الله أن يرزقني ختم القرآن، وكان إذا أخذ في السورة لا يقدر أن يتمها.
الباب الثامن عشر في فضل ختم القرآن وما يستحب فيه
पृष्ठ 87