والملائكة ونحوهم إن اشتُقَّ من العِلْم لاختصاصه بهم. والمراد بالعالمين هاهنا أصناف المخلوقات.
سمي كل صنف عالَما كما يقال: عالَم الغيب، وعالَم الشهادة، وعالم العقل، وعالم الطبيعة، وعالم الحِسِّ، وعالم الخيال، والعالم العلوي، والعالم السفلي ونحو ذلك. وروي عن قتادة (أ) وغيره من أهل العلم أن لله ﷿ ثمانين ألف عالم، كل عالم كالدنيا وما فيها. وقوله ﷿: ﴿لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [سورة الفرقان: ١] ﴿وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [سورة الجاثية: ١٦] وقوله ﵊: "فاطمة سيِّدَةُ نساء العالمين" (١) أراد به خصوص العقلاء.
وقوله ﷿ ﴿رب العالمين﴾ أراد به عموم الموجودات، بدليل ﴿وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [سورة الأنعام: ١٦٤] وكذلك ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [سورة الأنبياء: ١٠٧] لأنَّ بركته ﵊ عمَّت الموجودات لأنَّه عَرَّفَ النَّاسَ أحكامها، وما ينبغي فيها وما لا ينبغي فيها.
قوله: "قيوم السموات والأرضين" أي: الذي يقومان به ويستقلَّان بقدرته وحكمته. قال الله ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [سورة فاطر: ٤١] وقال الله ﷿ ﴿وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إلا بِإِذْنِهِ﴾ [سورة الحج: ٦٥].
_________
(أ) في س وروى قتادة، وفي م عن قتادة أو غيره.
(١) رواه البُخاريّ ٣/ ١٣٢٧ من حديث عائشة.
1 / 5