إن فرضنا وجودا غير البارى وغير العالم ، وكان الإله به متقدما على العالم حتى لو لم يكن ذلك المعنى ما كان الإله متقدما ، فذلك المعنى يجب أن يكون موجودا قبل وجود العالم. فإما أن يكون ذلك المعنى واجب الوجود بذاته ، أو واجب الوجود بغيره فإن كان واجب الوجود بذاته كان اثنين ، وهذا محال. فإن كان سبب ذلك الشىء الإله فالكلام فى ذلك كالكلام فى العالم أنه هل الإله يتقدمه أو لا يتقدمه؟ فالتقدم والتأخر هو الحاجة والاستغناء وطبيعة الوجوب قبل الإمكان. ونحن عرفنا حقيقة واجب الوجود قبل معرفتنا بإمكان الوجود ، وعرفنا خواص كل واحد من الحقيقتين وعرفنا أن واجب الوجود بذاته ما خواصه والممكن بذاته ما خواصه ، وعلمنا أن الممكن لا يصح وجوده إلا بواجب الوجود بذاته ثم اعتبرنا.
لو كان وقوع اسم الحدث على هذا الشخص مثلا بسبب تقدم الخالق عليه بالزمان فالزمان غير محدث لأنه لا يصح أن الخالق يتقدم على الزمان بزمان آخر. فإن لم يكن الحدوث بسبب تقدم الزمان بل بسبب تقدمه بشيء آخر فهو شىء لا نعرفه.
الأحوال والذوات معان (29 ا) مشترك فيها. والنسب إما أن تكون نسبة معقولة أو نسبة محسوسة. والنسب المعقولة مشترك فيها ، والنسب المحسوسة مشترك فيها ، والنسب المحسوسة تحيزية وإلا لم تكن محسوسة. وهى إما أن تكون مكانية أو وضعية. والمكانية مشترك فيها لأن مكانا لا يخالف مكانا آخر من حيث إنه مكان ، بل إنما يخالفه فى معنى آخر زائد على المكان ، وذلك المعنى هو الوضع ، والوضع مخالف لوضع آخر بذاته لا بمعنى آخر. فالوضع هو المتشخص بذاته لكن كل ما يتشخص بالوضع يتشخص به لمعنى زائد على الوضعية لأن وضعا واحدا يصح أن يعرض لأمور كثيرة. فإذن إنما يتم التشخص به إذا لم يختلف الزمان. فكل شىء ليس بزمانى ولا وضع له لا توجد له أشخاص كثيرون كالعقول المفارقة.
إن قال قائل : إنه كما إذا تخصص الهيولى وجب أن توجد فيها الصورة من واهب الصور ، فكذلك يصح أن توجد للفلك بتخصصه بوضع وحركة حركة أخرى من المفارق فالجواب أن الحركة لا تتم إلا بعرض مبدأ ومنتهى متعينين مخصصين. وهذا لا يكون فى المعقول. فإذن يجب أن يتصور المبدأ والمنتهى فى شىء جزئى ليصح حينئذ أن تفيض الحركة من المفارق على جزء الفلك.
وضع المكان نسبته إلى جزء من الفلك.
التجريد العقلى ، أعنى المهيئ لأن يصير الشىء معقولا ، إنما هو تجريد عن
पृष्ठ 86