انتقال الأعراض أو لا انتقالها ، بحثنا عنه فى العلم الكلى ، لأنه ليس امتناع وجود الانتقال فى الأعراض إلا لنفس الأعراض ، لا لسبب تخصص الأعراض ببعض الموضوعات ، سواء أكان ذلك الموضوع جسما ، أم عقلا فعالا ، أم غيرهما.
النظر في هذه العلل لصاحب العلم الكلى ، وليس إنما ينظر فيها من جهة اشتراكها ، بل فيما يخص علما علما على أنه مبدأ له ، وعارض للمشترك. كما أن النظر فى النمو مثلا عارض فى العلم الطبيعى ومبدأ للطب ، وكما أن الأعراض لا يصح عليها الانتقال.
** مسألة فى العلم الكلى ومبدأ العلم الطبيعى :
العلم الطبيعى له موضوع يشتمل على جميع الطبيعيات ، ونسبته إلى ما تحته نسبة العلوم الكلية إلى العلوم الجزئية. وذلك الموضوع هو الجسم بما هو متحرك وساكن ، والمبحوث فيه عنه هو الأعراض اللاحقة من حيث هو كذلك لا من حيث هو جسم مخصوص ، ثم النظر فى الأجسام الفلكية والأجسام الأسطقسية نظرا أخص من ذلك. فإن النظر هو فى موضوع هذا الجسم ، وهو جسم مخصوص ، لا الجسم المطلق. ثم يتبع ذلك النظر فيما هو أخص منه ، وهو النظر فى الأجسام الأسطقسية ، مأخوذة مع المزاج ، وما يعرض لها من حيث هى كذلك. ثم يتبع ذلك النظر فيما هو أخص منه ، وهو النظر فى الحيوان والنظر فى النبات ، وهناك يختم العلم الطبيعى. وأما الأجسام الفلكية ، فإنها لما كانت بسيطة ولم يعرض لها المزاج ، وكانت صورها موقوفة على موادها ، لم يكن يتعلق به نظر أخص منه ، ويشبه أن تكون تلك الأعراض اللاحقة للموضوعات التي هى أعم أجناسا للأعراض اللاحقة للأجسام المحسوسة. ويصح أن يكون المبحوث عنه فى علم واحد : الأعراض ، وأعراض الأعراض ، وأجناس الأعراض ، وفصول الأعراض ، وأجناس الفصول ، وفصول الفصول ، على ما شرح فى «البرهان». ومثال ذلك فى «السماع الطبيعى» أنه يبحث عن المكان أولا ، فإنه من عوارض الجسم بما هو متحرك وساكن ، ثم يبحث عنه أنه هل هو خلاء أو ليس بخلاء ، وهو من أعراض أعراضه ، وكذلك النظر فى الزمان ، هل يتناهى أم ليس يتناهى ، وهل له قطع أم لا ، أى ابتداء وانتهاء ، هو من أعراض أعراضه ، ويبحث عن أعراض الحركة وفصولها : وهو الوحدانية والتضاد ، فإنه من فصولها ، والقسرية والطبع والسرمدية وغير السرمدية ، فهى أعراض لها ، ويبحث عن أنواع الحركة. وأما النظر فى أنه هل الجسم مؤلف من أجزاء لا تتجزأ ، وهل هو متناه أو غير متناه ، وهل يجب أن يكون لكل جسم حيز وشكل وقوام أم لا ، فإنه يتعلق بعلم ما بعد الطبيعة ، فإنها من أحوال الجسم من حيث هو موجود ، لا من حيث هو واقع فى التغير ، وهو البحث عن نحو وجوده
पृष्ठ 171