المبحث الرابع: مَكَانَتَهُ العِلْمِيَّةِ، وَثَنَاء العُلَمَاء عَلَيْهِ
إن الثروة العلمية الضخمة التي تركها القاضي أبو يعلى ﵀ دليل على كثرة علمه، وسعة اطلاعه، ودقة استنباطه، حتى شهد له القريب والبعيد بذلك.
بل لقد أصاب النظرَ فيه شيخُه الحسن بن حامد ﵀، - شيخ الحنابلة في زمانه - حين أهَّله للتدريس مكانه حين ذهب للحج، وبعد موت شيخه ابن حامد تأهَّل هذا التلميذ النجيب - وهو لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره - للتدريس مكان شيخه.
وترقّى أبو يعلى في العلم حتى بلغ رتبة الاجتهاد، وكتب عنه العلماء، وتزاحم عليه الطلاب، قال تلميذه أبو الوفاء بن عقيل ﵀: (لم أُدْرك - فيما رأيتُ من العلماء على اختلاف مذاهبهم - مَنْ كمُلت له شرائطُ الاجتهاد المطلق إلا ثلاثةً) (^١)، وذكر أولهم القاضي أبا يعلى، وقال: (القاضي أبو يعلى المملوء عقلًا وزهدًا وورعًا) (^٢).
_________
(^١) ينظر: طبقات الشافعية الكبرى (٥/ ١٢٣).
(^٢) ينظر: الذيل على الطبقات (١/ ٣١٩).
1 / 40