268

तआलिक़ अला मुवत्ता

التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه

संपादक

الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين (مكة المكرمة - جامعة أم القرى)

प्रकाशक

مكتبة العبيكان

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م

प्रकाशक स्थान

الرياض - المملكة العربية السعودية

शैलियों

لَمْ يَكُنْ فيه مدحٌ، وكَذلِكَ الخَصمُ. وَمِنْ هذَا قَوْلُ الشَّنْفَرَى (١):
صَلِيَتْ مِنِّي هُذَيلٌ بِخِرقٍ ... لا يَمَلُّ الشَّرَّ حَتَّى يَمَلُّوا
فَإِنْ قِيلَ: "حَتَّى" مَعنَاها الغَايَةُ فَكَيفَ يَصِحُّ تَقْدِيرُها بِـ "إِذَا"؟ .
فالجَوَابُ: أَنَّ التقدِيرَ الَّذي قَدَّرنَاهُ إِنَّمَا هُوَ جِهةِ التَّلْخِيص لِلْمَعنَى والتقرِيبِ لَهُ، وَمعنَى الغَايَةِ مَوْجُوْدٌ فِيها لَمْ تَنْتَقِلْ عَنْهُ؛ لأنَّ تَمثيلَنَا بالفَرَسِ إِنَّمَا مَعنَاهُ: إِنَّ جَرْيَهُ يتمَادَى إِلَى أَنْ يَنْقَطِعَ جَرْيُ الخَيلِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى جَريِهِ، وَكَذلِكَ الخصمُ، وَهذَا المَعنَى مَوْجُوْدٌ في الحَدِيثِ؛ لأنَّ أفْعَال العِبَادِ تَنْقَطِعُ وَيَدخُلُها النَّقْصُ والتَّغَيُّرُ، وأَفْعَالُ الله مُتَّصِلَةٌ دَائِمةٌ لا انْقِطَاعَ لَها وَلَا تَغَيُّرَ، وَلِذلِكَ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَتكلَّفَ مِنَ العَمَلِ مَا يَطِيقُ، إِذْ لَا قُدرَةَ لِلْمَخْلُوْق عَلَى مُنَاهضَةِ الخَالِقِ تَبَارَكَ، الَّذِي لَا يُمَاثَلُ في أَمرٍ، ولا يُنَاهضُ فِي فِعلٍ.
وَلِـ"حَتَّى" مَعنًى ثَالِثٌ مِنْ مَعَانِيها، وَهُوَ قَوْلُ القَائِلِ: لَا أُسلِمُ زَيدًا حَتَّى يُضْرَبَ، أَي: لَا أُسْلِمُهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى حَالِ الضَّربِ وَلكِنَّنِي استنقِذُهُ قَبْلَ ذلِكَ، وَلَم يُرِن أَنْ يُسْلِمَهُ إِذَا ضُرِبَ؛ لأنَّه إِذَا حَمَاهُ قَبْلَ الضَّرْبِ فَأَحرَى أَنْ يحمِيَهُ عِنْدَ الضَّربِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَا يُسْلِمُوْنَ الغَدَاةَ جَارَهُمُ ... حَتَّى يَزِلَّ الشِّرَاكَ عَنْ قَدَمِهْ
وَلَيسَ لِهذَا الوَجْهِ مدخَلٌ في تَفْسِيرِ الحَدِيثِ، وإِنَّمَا ذَكَرْنَاهُ تَتْمِيمًا لِلْكَلامِ فِي

(١) هذا البيتُ من قصيدة أوَّلها:
إِن بالشعب الذِي دُوْنَ سَلْعٍ ... لَقَتْيِلا دَمُهُ مَا يَطُلُّ
تُنْسَبُ إلى الشَّنْفَرَى كَمَا ذَكَرَ المؤلِّف، ويُراجع ديوانه (٤٧): كَمَا تُنْسَبُ إِلى تأبطَ شَرّا، كما في ديوانه أيضًا (٢٤٧).

1 / 175