पुरानी दुनिया में खाना
الطعام في العالم القديم
शैलियों
وتتشابه كثيرا طريقته في التعبير عن الرفض مع ما قاله أركستراتوس للتعبير عن رفضه للخضراوات (الشذرة 9، أولسون وسينس 2000)، مع أنه يذكر في قصيدته أن الأسماك - وليس اللحم - هي البروتين المفضل لديه.
وكان المواطنون الأغنياء والفقراء أيضا بوسعهم شراء الحيوانات البرية. يقول بلينوس (في «التاريخ الطبيعي» 8، 210) إن الخنزير البري أيضا كان يلقى قدرا كبيرا من الاستحسان. ويظهر الخنزير البري في عدد من القصص الأدبية القائمة على إحدى رياضات علية القوم، وهي صيد الطرائد الكبيرة (راجع ملحمة «الأوديسا» 19، وجوفينال 1، وبيترونيوس). ولا بد أيضا من ذكر صيد الغزلان، بالإضافة إلى الأرانب البرية والثدييات الصغيرة، وأهمها حيوان الزغبة الشهير. يتحدث جالينوس بإيجاز في كتابه «عن قوى الأطعمة» (3، 1) عن مجموعة من هذه الثدييات التي سبق أن استشهدنا بها في الفصل الأول، وتشمل هذه الثدييات الأرنب وفأر الحقل والزغبة.
كانت الطيور غالبا هي أكثر أنواع اللحوم المتوافرة أمام المواطنين الفقراء، وكانت الطيور تؤكل بكميات كبيرة، ولم يكن الدجاج هو نوع الطيور السائد المخصص للأكل كما هي الحال الآن. وكان يربى بعض أنواع الطيور في أقفاص، وكذلك حيوان الزغبة والأسماك (3، 9). ويقدم فارو نصائح كثيرة عن تربية الأسماك والطيور الموضوعة في أقفاص. أما جالينوس، فيقول في كتابه «عن قوى الأطعمة» (2، 18) إن «الدجاج» في عصره كان يسمى «طيورا» فحسب، مما يشير ضمنيا إلى أن الدجاج كان نوع الطيور الذي من المعتاد تخصيصه للأكل. وكانت الطيور أيضا جزءا من التباهي الذي يصبو إليه الأغنياء، وتوجد دلائل كثيرة على ذلك تتعلق بالدجاج الحبشي، ويذكر أبيكيوس وآخرون طيور البشروش، وكانت تستورد طيور التدرج والدراج من البلدان الإغريقية. ويناقش أثينايوس مجموعة متنوعة من لحوم الحيوانات في الجزء التاسع من كتابه.
كانت اللحوم توفر البروتينات الأساسية اللازمة للقدماء، وكانت توفر كذلك أشكالا مختلفة. ويؤكد كل من النصوص الإغريقية والرومانية على وجود فائدة لكل جزء من الأجزاء المختلفة لجسم الحيوان، وقد تكون هذه الأجزاء هي الرأس والآذان والأقدام والكثير من الأعضاء الداخلية. وفي روما، كان الرحم والضرع من الأجزاء المفضلة بوجه خاص. ويركز أبيكيوس على الخنازير العقيمة وغيرها من السمات التي تتسم بها أنثى الخنزير التي أخذ منها الرحم. ونجد أن تنوع أشكال تقديم اللحوم من السمات التي تربط الإغريق والرومان بعادات تناول الطعام الفرنسية والإسبانية في العصر الحديث، وكذلك عادات تناول الطعام الصينية على وجه التحديد. ولا تهتم البلدان الأنجلوساكسونية مثل بريطانيا والولايات المتحدة بشكل اللحم وقوامه؛ ففي هذه البلدان، تقدم القطع الصغيرة من الحيوان على هيئة برجر وسجق. وكان الإغريق والرومان يأكلون الأجزاء المحتفظة بشكلها الأصلي من الحيوان، وكذلك السجق وكرات اللحم. يخصص أبيكيوس كتابا بأكمله لوصف بهاء كرات اللحم، وتظهر الكلمة المكافئة لكرات اللحم - وهي «إيسيشيا» باللاتينية - بصفتها عنصرا يناقشه المدعوون إلى المأدبة الواردة في كتاب «مأدبة الحكماء» لأثينايوس. أما الأسماك، فكان يقدم مختلف أجزائها بشكله الأصلي؛ مثل: رأس سمكة الإنكليس البحري الكبير، وبطن سمكة التونة أو لحم ذيلها، وأعجاز أسماك القد بمختلف أنواعها. ونلاحظ هذا الاهتمام في بعض شذرات أركستراتوس، وكذلك في عدد من الشذرات المأخوذة من المسرحيات الكوميدية الأثينية، وهي عبارة عن أجزاء من جمل حوارية يذكر فيها الأشخاص أطعمتهم المفضلة أو (في أغلب الظن) أكلات في مأدبة يعكفون على تحضيرها لآخرين. وفي هذه الشذرات، يذكر الكثير من أجزاء الأسماك والحيوانات، بما في ذلك الأعضاء الحيوية وأجزاء الحيوانات المتصلة بتقديم القرابين التي ورد وصفها في الفصل السابق ولكنها أصبحت تباع في السوق فيما يبدو لتصبح متاحة للشراء في القطاع التجاري. يخبرنا جالينوس في كتابه «عن قوى الأطعمة» عن خواص الأقدام والأخطام والآذان (3، 3) والألسنة (3، 4)، والغدد مثل الغدد اللعابية وغدد الثدي، والخصية (3، 4)، والمخ (3، 7)، ونخاع العظم والنخاع الشوكي والأمعاء والمعدة والرحم (3، 12). وهذا الدليل الطبي تدعمه قوائم الأطعمة المأخوذة من المسرحيات الكوميدية الأثينية، مثل الشذرة 63 ليوبولوس:
وبالإضافة إلى ذلك، سيقدمون إليك شريحة من التونة، وأضلاع لحم الخنزير، وأحشاء جدي، وكبد خنزير بري، وقطعا من لحم الضأن المقلي، وأحشاء بقر، ورءوس ضأن، والزائدة الدودية لجدي، وضرع أرنبة برية، وقطعة سجق، وسجقا من لحم ودم الخنزير، ورئة، وسلامى. (ترجمه إلى الإنجليزية: جوليك)
لا يقل الاهتمام بالتركيب البنيوي للحيوانات عن الاهتمام بنظيره لدى الإنسان. للاطلاع على مناقشة عن جسم الحيوان، راجع دوراند (1989)، وللاطلاع على مناقشة عن جسم الإنسان، راجع الفصل الثامن. لا تقتصر قائمة جالينوس عن أجزاء الجسم على الحيوانات ذوات الأربع. في الموضع (3، 20)، تحدث جالينوس أيضا عن أمعاء الطيور وأجنحة الدجاج والإوز وخصي الديوك وأمخاخ الطيور، ويقول إن أقدام كل الطيور ليست صالحة للأكل، ولكنه لا يستطيع الإدلاء بدلوه عن غبب الديوك وأعرافها. ولا يكف جالينوس عن سرد مجموعة المكونات التي تليق بطاه صيني متحمس إلا في نهاية قائمة أجزاء الجسم هذه.
تذكر اللحوم في الكثير من المصادر على هيئة تدرج هرمي، وهو ما يتصل بتكلفة الإنتاج. يصف راعي الخنازير في الجزء الرابع عشر من ملحمة «الأوديسا» (وهو جزء يزخر بالكثير من التفاصيل عن استهلاك اللحوم وتربية حيوانات المزارع وتقديم قرابين غير مألوفة) لسيده المتنكر؛ ثراء أوديسيوس الذي يستدل عليه من حجم ما يمتلكه من ماشية وأغنام وخنازير، ويقدم لضيفه حيوانا صغير الحجم نظرا لانشغال الخطاب الخبثاء بالتهام أسمن الخنازير. يستشهد أثينايوس بفقرة من كتاب «تاريخ الإسكندر الأكبر» من تأليف كليتاركوس، ويأتي فيها أن أهالي طيبة يتسمون بالخسة والبخل فيما يتعلق بالطعام؛ لأن الأطعمة التي كانوا يحضرونها كانت عبارة عن «لحم مفروم ملفوف في أوراق نباتية (ثرييا باللاتينية)، وسمك مسلوق، ونوعين من الأسماك الصغيرة، وسجق وأضلاع وحساء بازلاء». ويرى كليتاركوس أن هذه الأطعمة قرابين ضئيلة (تحل فيما يبدو محل اللحم والأسماك الكبيرة) لا تعبر عن الأطعمة التي بوسع أهالي طيبة شراؤها.
وبالمثل، ربما يستطيع شخص غني أو مجموعة من الأغنياء شراء ثور لتقديمه كقربان (راجع «الأورجيونيس» في الفصل الثالث). كان معظم الناس يقدمون خروفا أو خنزيرا أو أحد صغار هذه الحيوانات كقربان، وكان ينتشر - على سبيل المثال - تقديم الخنازير الصغيرة كقرابين. وإذا لم يستطع المتعبدون تحمل تكلفة تقديم قرابين من الحيوانات مطلقا، أو إذا كانت العبادة تتطلب تقديم قرابين غير الحيوانات، كانت تقدم كعكات من الحبوب وغيرها من النباتات. وبعيدا عن مناسبات تقديم القرابين، كانت اللحوم ومنتجاتها متاحة للبيع؛ ومن ثم، نجد أحد المصادر يخبرنا أن أبا إيسخينيس - وهو من أتباع سقراط - كان بائع سجق أو بائع سجق مصنوع من لحم ودم الخنزير (ديوجينيس اللايرتي 2، 60). وبالمثل، جعل أريستوفان بائع سجق الشخصية الأساسية في مسرحيته «الفرسان». ويتضح في المسرحية أن بائع السجق يبيع عدة منتجات حيوانية، من الوارد أنها كلها مأخوذة من لحوم القرابين قبل بيعها إلى بائع السجق ليعرضها للبيع بالتجزئة في سوق مدينة أثينا. ويصور أريستوفان بائع السجق تصويرا هزليا على أنه ينتمي للطبقة الدنيا من المجتمع، ومن الوارد أن هذه المهنة كانت مهنة وضيعة. ولكن يبدو أن معظم تجار السوق يظهرون في صورة سيئة في النصوص الأدبية، وكان هذا التصوير جزءا من العلاقات الغريبة التي كانت تجمع النصوص القديمة بإنتاج الطعام وتوزيعه وتبادله (ويلكنز 2000، الفصل الرابع). ومن غير الحكمة أن نستنتج من التصوير القديم لباعة السجق أن السجق وغيره من المنتجات الحيوانية لم تكن من الأطعمة المفضلة. ونظرا للتقدير الذي كان يحظى به شكل الطعام - كما أشرنا فيما سبق - كان الآكلون من كل الطبقات يلتهمون القلب والكلية والسجق المصنوع من لحم ودم الخنزير، بمعزل عن الدور الرمزي الذي تؤديه هذه الأطعمة في طقس تقديم القرابين (الذي جاء وصفه في الفصل الثالث). وكانت هذه الأطعمة بنكهاتها اللاذعة وأشكالها المختلفة مفضلة لدى كل الطبقات، فيما يبدو؛ فهي موجودة في المآدب الفاخرة، وفي كتاب لأبيكيوس (وإن كان ينصح بقراءته بحذر؛ راجع الفصل السابع)، وموجودة أيضا في أكشاك البيع التابعة لشخصيات أدبية يهجوها المؤلف.
ويبدو أنه كان من النادر في الثقافة الإغريقية أكل اللحم بمعزل عن طقس تقديم القرابين من الحيوانات. وكان مسموحا لكشك البيع أن يأتي في منزلة تقع بين تقديم القرابين وبين مأدبة العشاء وجلسة الشراب (بمعنى أنه من المسموح أن تفصل المعاملات التجارية بين مستهلك لحم الحيوان وبين الفئة التي قدمته كقربان)، ولكن طقس تقديم القرابين سيكون قد حدث، وذلك على حد علمنا. ويبدو أن هذا صحيح حين يطعم يومايوس - راعي الخنازير - أوديسيوس المتنكر في الجزء الرابع عشر من ملحمة «الأوديسا»؛ وينطبق هذا أيضا على الحال في مدينة أثينا في القرن الرابع كما تظهر في كتاب ثيوفراستوس «شخصيات»:
الوقح هو الذي يخرج بعد تقديم القرابين للآلهة لتناول العشاء مع آخرين، ثم يملح اللحم ويخزنه. ويستدعي عبده وهو جالس إلى مائدة مضيفه، ثم يأخذ اللحم والخبز من المائدة ويعطيه إياه، وهو يقول بحيث يسمعه الجميع: «حضر وجبة لذيذة، يا تيبيوس!» وحين يتسوق يذكر القصاب بأي خدمة بسيطة قد يكون قد قدمها له، ويقف بجوار الميزان ويضع عليه خلسة شيئا من اللحم إذا أمكن، أو يضع عظمة ليصنع منها حساء؛ وإذا تمكن من الإفلات بفعلته يكون راضيا، أما إذا لم يتمكن من ذلك، فإنه يسرق جزءا من معدة حيوان من المائدة، ويضحك في سره وهو يهرول بها مبتعدا. (ترجمه إلى الإنجليزية: فيلاكوت )
अज्ञात पृष्ठ