पुरानी दुनिया में खाना
الطعام في العالم القديم
शैलियों
كانت تظهر في أبهى مظهر لها كلما غادرت منزلها للمشاركة في الاحتفالات التي تحضرها النساء، وذلك بعد أن أخذت حصتها من ثروة القائد سكيبيو حين كان في أوج نجاحه. وبالإضافة إلى فخامة ملابسها وزينة عربتها، كانت كل السلال والأكواب وغيرها من الأواني المستخدمة لتقديم القربان مصنوعة إما من الذهب وإما من الفضة، وكانت توضع في موكبها في كل تلك المناسبات الشعائرية المهيبة، وكان عدد الخادمات والخدم المصاحبين لها كبيرا بما يتناسب مع ذلك. (ترجمه إلى الإنجليزية: باتون)
ما العيب في التعبير عن الثراء في مناسبة دينية؟ يزخر الأدب بسيل من الانتقادات لمثل هذه الظواهر؛ فعلى سبيل المثال، يكتب بلوتارخ في («عن حب الثراء»):
كان عيد ديونيسيا التقليدي في الماضي عبارة عن موكب بسيط وبهيج؛ ففي البداية كان يأتي دورق من النبيذ وغصن من العنب، ثم يأتي أحد المحتفلين يجر جديا خلفه، ويتبعه آخر يحمل سلة من التين المجفف، وفي آخر الموكب كان يأتي الرمز الذي يمثل فالوس أو العضو الذكري. ولكن حاليا نجد أن هذه البساطة اختفت، وحلت محلها أوان من الذهب يحملونها ويمرون من أمامنا، وملابس وعربات فخمة تمر بجوارنا، وأقنعة. (ترجمه إلى الإنجليزية: كسابو وسلاتير)
وهذا ينقلنا للحديث عن المخاطر الوخيمة المترتبة على المتعة في الفكر القديم، والتي نتناولها في الفصل السادس.
ونعود إلى «ماجيروس» أو الطاهي، تلك الشخصية المبهمة (راجع الفصل الأول). فالرجل الذي يتولى ذبح الحيوان ليس صاحب مكانة اجتماعية رفيعة، ولكنه يؤدي مهمة دينية، وإن كانت مهمة شاقة وتتسبب في تلطيخه بالدماء، ومن الممكن أيضا أن يبيع اللحم بعد تقديم القربان؛ فالجانبان الديني والتجاري - مرة أخرى - ليسا منفصلين. وكان من الممكن - بصفته لا يزال «ماجيروس» - أن يعرض خدماته لطهي مآدب خاصة ومآدب فاخرة لحساب الميسورين ، مقابل أجر. أما في إسبرطة، فكان الطاهي يشرف على المأدبة الجماعية (كتاب «عن الدستور الإسبرطي» من تأليف مولبيس، استشهد به أثينايوس).
وقد رأينا الكثير من الأسئلة عن الدين داخل المجتمع البشري. ما الغاية التي كانت تنشدها الآلهة نفسها من عملية تقديم القرابين؟ لماذا كانت بحاجة إلى قرابين؟ صحيح أنها كانت تطلب الشرف في أتباعها من البشر، ولكن لماذا كانت بحاجة إلى لحوم القربان؟ وكما رأينا، كان المشاركون من البشر يحصلون على الأجزاء الفانية من الحيوان، أما الآلهة فكانت تحصل على دخان النخاع المحترق والأعضاء الحيوية المحترقة، وهي قوام الحياة في الحيوان. ولكن لماذا كانت تطلب ذلك الطعام؟ إذا كان إله ما كاملا - كما يفترض هرقل في مسرحية «هرقل» (1345-1346) ليوربيديس - فلن يكون بحاجة إلى أي شيء. ويتناول أريستوفان هذه الفكرة في مسرحيته «الطيور»، ويتبع منهجا ماديا للغاية بخصوص الآلهة، وذلك كما هو متبع في المسرحيات الكوميدية. تستولي الطيور على المنطقة التي يشغلها الهواء بين البشر على الأرض والآلهة في السماء، وهكذا تحول دون وصول الدخان الناتج عن طهي القرابين إلى الآلهة؛ وبهذا، فإنهم يجوعون فيضطرون للخضوع. ويقدم فرفريوس في الجزء الثاني من كتابه «عن التقشف» أسئلة فلسفية لافتة تتعلق بالأسباب التي تدفع الآلهة لقبول أنواع معينة من القرابين أو عدم قبولها.
وحين نبدأ في تناول بعض الأعياد القديمة، سنرى أنها كثيرا ما تعزز الأبنية والأيديولوجيات الاجتماعية السائدة فيما يبدو، ولكنها في الوقت نفسه تنطوي على الكثير من السمات المتناقضة. وتعكس هذه العناصر المحيرة التاريخ الديني المركب للمدن (وهو موضوع لدراسات متخصصة مثل ديوبنر 1932، وباركر 1996، وبيركرت 1985، وروبرتسون 1993)، ولكنها تعبر أيضا عن التلازم القوي للأفكار ذات الصلة، مثل النبيذ والموت في عيد أنثيستيريا أو الأطفال الرضع والذرة في عيد ثيسموفوريا. وكثيرا ما تتضمن الأعياد سمات سلبية وإيجابية أيضا؛ إذ من الممكن أن تكون وقتا للعطلة واحتساء الخمر والفسق والفجور، وفي الوقت نفسه وقتا للاعتداء الجنسي والتدريب على الشعائر والطقوس الدينية المتعلقة بالجوانب المظلمة من عالم البشر وعالم الطبيعة. (3) الأعياد
ساعدت الأعياد في المدن الإغريقية والرومانية في إضفاء حس من التضافر والهوية، تعززه عادة طقوس تقديم القرابين والتوسل الجماعي للإله طلبا للدعم وتقديم شيء ذي قيمة (الذي يكون عادة حياة حيوان ما). وأتناول أولا دور الطعام في عدد من الأعياد الإغريقية التي كانت تجمع عددا كبيرا من المواطنين في تأكيد على هوية المواطنة؛ ففي أثينا، كان يقام عيد بان أثينايا تكريما للإلهة أثينا، وهي الحامية الإلهية الأساسية للمدينة. وكان الاحتفال بالعيد يتألف من مسابقات (كانت جوائزها عبارة عن جرار الزيت التي يشتهر بها عيد بان أثينايا) ورقصات واحتفالات ساهرة، وكانت الفقرة الأساسية عبارة عن تقديم رداء جديد لتمثال الإلهة، وتقديم قرابين من الماشية. يتناول أحد النقوش من مدينة أثينا في القرن الرابع قبل الميلاد (مشروع النقوش الإغريقية، 2، 334) طريقة توزيع اللحوم بالتفصيل؛ إذ يرد فيه:
في سبيل تنظيم الموكب وتجهيزه على أفضل وجه ممكن كل عام لأجل الإلهة أثينا بالنيابة عن شعب مدينة أثينا، وحتى تتسنى إقامة كل الترتيبات الأخرى اللازمة للعيد أثناء احتفال «الهيروبويوي» (أي الكهنة) به كما يجب في كل مناسبة تكريما للإلهة؛ يوافق الشعب، طبقا للقرار الذي اتخذه المجلس بما يأتي: يتولى «الهيروبويوي» مهمة تقديم القرابين، وعليهم توزيع حصص اللحم بمعرفة اثنين منهم، على أن تقدم إلى الإلهة أثينا هيجيا، ويكون ذلك في المعبد القديم، على أن تجرى عمليات التوزيع بالطريقة التقليدية بالحصص التالية: تخصص خمس حصص إلى مباني البريتانيون، وثلاث حصص إلى الولاة التسعة، وحصة إلى أمناء خزائن الإلهة، وحصة إلى الكهنة، وثلاث حصص إلى مجلس القادة العسكريين وقادة الفرق العسكرية، وتخصص الحصص المعتادة لأهالي مدينة أثينا الذين شاركوا في الموكب وللفتيات اللاتي يقمن بدور «الكانيفوروي» (أي حاملات السلال)؛ وتوزع اللحوم المأخوذة من القرابين الأخرى على أهالي أثينا. ومن مبلغ 41 مينا الذي يمثل قيمة إيجار الأرض المقدسة، يشتري الكهنة وغيرهم الماشية المراد تقديمها كقرابين؛ وعند قيادتهم للموكب، عليهم تقديم كل هذه الماشية كقرابين إلى الإلهة على الهيكل الكبير المخصص للإلهة أثينا، فيما عدا رأس ماشية واحدة عليهم اختيارها مسبقا من أفضل الماشية وتقديمها قربانا على هيكل الإلهة نايكي، أما كل ما تبقى من الماشية التي اشتروها بمبلغ 41 مينا، فعليهم تقديمها كقرابين إلى أثينا بولياس وأثينا نايكي، وتوزيع لحومها على أهالي مدينة أثينا في كيرامايكوس بنفس الطريقة المستخدمة في غيرها من عمليات توزيع اللحوم. وعليهم تخصيص الحصص لكل مقاطعة بالتناسب مع عدد المشاركين في الموكب من كل مقاطعة ... (ترجمه إلى الإنجليزية: رايس وستامبو)
وتوضح هذه القواعد بجلاء الصلة بين المشاركة في الموكب وتوزيع اللحوم. وحتى في بلد ديمقراطي، لا بد أن يحصل المسئولون على حصصهم المميزة. وكان معظم الكهنة يشغلون مناصب سياسية، ولكن حاملات السلال كن فتيات يحملن الحبوب في سلالهن - لنثرها فوق رأس الحيوان - وكانت السكين المستخدمة في ذبح القرابين مخبأة تحت الحبوب. ولما كان ذلك العيد احتفالا كبيرا، فإن طقوس تقديم القرابين كانت تقام في هياكل مختلفة، وكانت اللحوم الناتجة عن ذلك توجه إلى وجهات مختلفة. كان موكب عيد بان أثينايا يشق طريقه من بومبيون عند بوابة ديبيلون في كيرامايكوس، ويمر خلال السوق الأثيني إلى المعابد الواقعة في قلعة الأكروبوليس، ثم يوزع اللحم المخصص للأهالي في كيرامايكوس؛ ومن ثم، تجوب الرحلة التي تتضمن مراحلها تقديم الرداء، وذبح الحيوانات لتقديمها كقرابين، وتوزيع لحومها وسط المدينة. يشير فيشر (2000: 362-363) إلى أن المواطنين كانوا يتناولون هذا اللحم في النزهات الخلوية في منطقة كيرامايكوس. وجدير بالملاحظة أن طريقة توزيع اللحوم كانت سائدة، ولا تقتصر على عيد بان أثينايا فحسب.
अज्ञात पृष्ठ