فقالوا في صوت واحد: «عم محمود.»
إنه يفعل كل شيء، ويحب أن يفعل كل شيء.
ونزلت واتجهت إلى بيتي، وعند الباب سألني عم محمود بلهجته المألوفة: حضرتك تحبي تتغدي إيه؟!
ونظرت إليه، إنه أيضا لا ينسى شيئا، وأطلت النظر إلى عينيه، فرأيت فيهما شيئا عجيبا لم ألحظه من قبل، شيئا ربما رأيته من قبل، في عيني أبي أو أمي، حنان غريب.
وتذكرت لهجته ، وعرفت لماذا أحسست أنني سمعتها من قبل، إنها تشبه لهجة أمي، أو أبي.
وناولته جنيها وأنا أقول: فرخة سمينة يا عم محمود وعليها أي حاجة، كفاية شوية شوربة، واوع تنس تحط فيها «ضرس الساقية» وضحك، وضحكت.
وذات صباح نزلت إلى الوحدة كعادتي فوجدت المرضى غير منتظمين ككل يوم والوحدة مهملة، وصفقت وناديت عم محمود وجاءني تمورجي آخر يقول: عم محمود غايب النهاردة يا ست الدكتورة، يلزم خدمة؟
ونظرت إليه، أحسست بفرق هائل بينه وبين عم محمود. - نظم العيانين دول بسرعة، وخلي حد من التمورجية يكنس الطرقة، وواحد تاني يجهز الغيار وعمليات الفتح، يلله بسرعة دخل العيانين واحد واحد.
وكان يوما قاسيا علي، أحسست في كل لحظة من لحظاته أنني أفتقد شيئا ضخما، المرضى يدخلون بلا نظام، وحجرة الغيار لا تصلح لشيء، والتمورجية على كثرتهم يروحون ويجيئون بغباء شديد وبلا نتيجة.
وانتهى العمل بعد أن تعبت وبح صوتي، وذهبت إلى بيتي، وعند الباب تلفت كالتائهة حولي كأنما أبحث عن شيء مفقود، عن الحنان.
अज्ञात पृष्ठ