تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي
प्रकाशक
المطبعة الكبرى الأميرية
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
1314 अ.ह.
प्रकाशक स्थान
القاهرة
शैलियों
हन्फी फिक़्ह
وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ وَابْنِهِ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَقَالَ الْفَرَّاءُ تَقُولُ الْعَرَبُ عَلَى فُلَانٍ ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ كَأَنَّهُ الشَّفَقُ وَلَنَا قَوْلُهُ ﵊ «وَآخِرُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إذَا اسْوَدَّ الْأُفُقُ»؛ وَلِأَنَّ الشَّفَقَ مِنْ الرِّقَّةِ وَمِنْهُ شَفَقَةُ الْقَلْبِ وَهِيَ رِقَّتُهُ وَيُقَالُ ثَوْبٌ شَفِيقٌ إذَا كَانَ رَقِيقًا وَهُوَ بِالْبَيَاضِ أَلْيَقُ؛ لِأَنَّهُ أَرَقُّ مِنْ الْحُمْرَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ ﵊ بِقَوْلِهِ «وَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ نُورُ الشَّفَقِ» إذْ النُّورُ يُطْلَقُ عَلَى الْبَيَاضِ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّ الْعِشَاءَ تَقَعُ بِمَحْضِ اللَّيْلِ فَلَا تَدْخُلُ مَا دَامَ الْبَيَاضُ بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَثَرِ النَّهَارِ وَلِهَذَا يَخْرُجُ بِطُلُوعِ الْبَيَاضِ الْمُعْتَرِضِ مِنْ الْفَجْرِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَكَذَا بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ فَلَا تَخْرُجُ الْمَغْرِبُ بِالشَّكِّ، وَكَذَا لَا تَدْخُلُ الْعِشَاءُ بِالشَّكِّ وَمَا رُوِيَ عَنْ الْخَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ رَاعَيْت الْبَيَاضَ بِمَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَيْلَةً فَمَا ذَهَبَ إلَّا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَاضِ الْجَوِّ وَذَلِكَ يَغِيبُ آخِرَ اللَّيْلِ، وَأَمَّا بَيَاضُ الشَّفَقِ وَهُوَ رَقِيقُ الْحُمْرَةِ فَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهَا إلَّا قَلِيلًا قَدْرَ مَا يَتَأَخَّرُ طُلُوعُ الْحُمْرَةِ عَنْ الْبَيَاضِ فِي الْفَجْرِ.
قَالَ ﵀ (وَالْعِشَاءُ وَالْوِتْرُ مِنْهُ إلَى الصُّبْحِ) أَيْ وَقْتُ الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ مِنْ غُرُوبِ الشَّفَقِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ أَمَّا أَوَّلُهُ فَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ يَدْخُلُ بِمَغِيبِ الشَّفَقِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الشَّفَقِ، وَأَمَّا آخِرُهُ فَلِإِجْمَاعِ السَّلَفِ أَنَّهُ يَبْقَى إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَائِضَ إذَا طَهُرَتْ بِاللَّيْلِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ الْعِشَاءِ بِالْإِجْمَاعِ فَلَوْلَا أَنَّ الْوَقْتَ بَاقٍ لَمَا وَجَبَ عَلَيْهَا وَجَعَلَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَقْتَ الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ وَاحِدًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ بَعْدَمَا صَلَّى الْعِشَاءَ وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ فَرْضٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا سُنَّةٌ عَلَى مَا سَيَجِيءُ بَيَانُهُ.
قَالَ ﵀ (وَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْعِشَاءِ لِلتَّرْتِيبِ) أَيْ لَا يُقَدَّمُ الْوِتْرُ عَلَى الْعِشَاءِ لِأَجْلِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ لَا لِأَنَّ وَقْتَ الْوِتْرِ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى لَوْ نَسِيَ الْعِشَاءَ وَصَلَّى الْوِتْرَ جَازَ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِهِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عِنْدَهُ فَصَارَا كَفَرْضَيْنِ اجْتَمَعَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَالْقَضَاءَيْنِ أَوْ الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةُ الْعِشَاءِ فَيَكُونُ تَبَعًا لَهَا فَلَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ كَسُنَّةِ الْعِشَاءِ لَا يُعْتَدُّ بِهَا قَبْلَ أَدَاءِ الْعِشَاءِ لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِهَا لَا لِلتَّرْتِيبِ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْوِتْرَ قَبْلَ الْعِشَاءِ نَاسِيًا أَوْ صَلَّاهُمَا وَظَهَرَ فَسَادُ الْعِشَاءِ دُونَ الْوِتْرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْوِتْرُ وَيُعِيدُ الْعِشَاءَ وَحْدَهَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِمِثْلِ هَذَا الْعُذْرِ وَعِنْدَهُمَا يُعِيدُ الْوِتْرَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْفَرَائِضِ حَتَّى لَا تَجُوزَ صَلَاةُ الْفَجْرِ مَا لَمْ يُصَلِّ الْوِتْرَ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ.
قَالَ ﵀ (وَمَنْ لَمْ يَجِدْ وَقْتَهُمَا لَمْ يَجِبَا) أَيْ مَنْ لَمْ يَجِدْ وَقْتَ الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ بِأَنْ كَانَ فِي بَلَدٍ يَطْلُعُ الْفَجْرُ فِيهِ كَمَا تَغْرُبُ الشَّمْسُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ لَمْ يَجِبَا عَلَيْهِ لِعَدَمِ السَّبَبِ وَهُوَ الْوَقْتُ وَذَكَرَ الْمَرْغِينَانِيُّ أَنَّ الشَّيْخَ بُرْهَانَ الدِّينِ الْكَبِيرَ أَفْتَى بِأَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةَ الْعِشَاءِ، ثُمَّ أَنَّهُ لَا يَنْوِي الْقَضَاءَ فِي الصَّحِيحِ لِفَقْدِ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِدُونِ السَّبَبِ لَا يُعْقَلُ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْقَضَاءَ يَكُونُ أَدَاءَ ضَرُورَةٍ وَهُوَ فَرْضُ الْوَقْتِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: وَلِهَذَا يَخْرُجُ) أَيْ لِكَوْنِهِ مِنْ أَثَرِ النَّهَارِ.
(قَوْلُهُ: فَلِإِجْمَاعِ السَّلَفِ إلَى آخِرِهِ) وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ ﷺ قَالَ «وَأَخَّرَ وَقْتَ الْعِشَاءِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ». اهـ. أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْعِشَاءِ لِلتَّرْتِيبِ) الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ: ﷺ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى زَادَكُمْ صَلَاةً إلَى صَلَاتِكُمْ أَلَا وَهِيَ الْوِتْرُ فَصَلُّوهَا مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ». اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ فِي بَلَدٍ يَطْلُعُ الْفَجْرُ فِيهِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ ﵀ وَيُذْكَرُ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ بُلْغَارَ لَا يَجِدُونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَقْتَ الْعِشَاءِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَإِنَّ الشَّمْسَ كَمَا تَغْرُبُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَغْرِبِ يَظْهَرُ الْفَجْرُ مِنْ الْمَشْرِقِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَفْتَى بِأَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إلَى آخِرِهِ) وَرُدَّتْ هَذِهِ الْفَتْوَى مِنْ بُلْغَارَ عَلَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ فَأَفْتَى بِقَضَاءِ الْعِشَاءِ ثَمَّ وَرَدَتْ بِخُوَارِزْمَ عَلَى الشَّيْخِ الْكَبِيرِ سَيْفِ السُّنَّةِ الْبَقَّالِيِّ فَأَفْتَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فَبَلَغَ جَوَابُهُ الْحَلْوَانِيَّ فَأَرْسَلَ مَنْ يَسْأَلُهُ فِي عَامَّتِهِ بِجَامِعِ خُوَارِزْمَ مَا تَقُولُ فِيمَنْ أَسْقَطَ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَاحِدَةً هَلْ يَكْفُرُ فَأَحَسَّ بِهِ الشَّيْخُ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِيمَنْ قُطِعَ يَدَاهُ مِنْ الْمِرْفَقَيْنِ أَوْ رِجْلَاهُ مِنْ الْكَعْبَيْنِ كَمْ فَرَائِضُ وُضُوئِهِ؟ قَالَ: ثَلَاثٌ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الرَّابِعِ قَالَ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ الْخَامِسَةُ فَبَلَغَ الْحَلْوَانِيُّ جَوَابُهُ فَاسْتَحْسَنَهُ وَوَافَقَهُ فِيهِ. اهـ. مُجْتَبَى قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَرْتَابُ مُتَأَمِّلٌ فِي ثُبُوتِ الْفَرْقِ بَيْنَ عَدَمِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَبَيْنَ سَبَبِهِ الْجَعْلِيِّ الَّذِي جُعِلَ عَلَامَةً عَلَى الْوُجُوبِ الْخَفِيِّ الثَّابِتِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَجَوَازِ تَعَدُّدِ الْمُعَرَّفَاتِ لِلشَّيْءِ فَانْتِفَاءُ الْوَقْتِ انْتِفَاءٌ لِلْمُعَرَّفِ وَانْتِفَاءُ الدَّلِيلِ عَلَى الشَّيْءِ لَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءً لِجَوَازِ دَلِيلٍ آخَرَ وَقَدْ وُجِدَ وَهُوَ مَا تَوَاطَأَتْ عَلَيْهِ أَخْبَارُ الْإِسْرَاءِ مِنْ فَرْضِ اللَّهِ الصَّلَاةَ خَمْسًا بَعْدَمَا أُمِرُوا أَوَّلًا بِخَمْسِينَ، ثُمَّ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى الْخَمْسِ شَرْعًا عَامًّا لِأَهْلِ الْآفَاقِ لَا تَفْصِيلَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ قُطْرٍ وَقُطْرٍ وَمَا رُوِيَ «ذَكَرَ الدَّجَّالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قُلْنَا مَا لُبْثُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا كَسَنَةٍ وَيَوْمٍ كَشَهْرٍ وَيَوْمٍ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَيَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ لَا أَقْدِرُوا لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَقَدْ أَوْجَبَ فِيهِ ثَلَثَمِائَةِ عَصْرٍ قَبْلَ صَيْرُورَةِ الظِّلِّ مِثْلًا أَوْ مِثْلَيْنِ وَقِسْ عَلَيْهِ فَاسْتَفَدْنَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ خَمْسٌ عَلَى الْعُمُومِ غَيْرَ أَنَّ تَوْزِيعَهَا عَلَى تِلْكَ الْأَوْقَاتِ عِنْدَ وُجُودِهَا فَلَا يَسْقُطُ بِعَدَمِهَا الْوُجُوبُ، وَكَذَا قَالَ ﷺ «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ» وَمَنْ أَفْتَى بِوُجُوبِ الْعِشَاءِ يَجِبُ عَلَى قَوْلِهِ الْوِتْرُ اهـ.
(قَوْلُهُ: يَكُونُ أَدَاءَ ضَرُورَةٍ) أَيْ لِعَدَمِ الْوَاسِطَةِ بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ اهـ
1 / 81