कलाम में प्राकृतिक विज्ञान: अतीत से भविष्य तक
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
शैलियों
الكلام الجديد في الطبيعيات
(1) استيعاب طبيعيات الماضي وتجاوزها إلى المستقبل
تبدى الآن بمزيد من الوضوح كيف أن الطبيعيات في علم الكلام القديم ليست البتة شيئا إضافيا زائدا، أو مجرد ضميمة في اللطائف، كما هو معتمد في التأريخات الشائعة! بل إن الطبيعيات هي العالم. وتواصلا مع هذا، استيعابا وتجاوزا له، لن يكون بدعا أن تصبح أكثر محورية في علم الكلام الجديد السائر نحو المستقبل.
واتضح أيضا كيف يمكن الاتفاق على أن علم الكلام لا يبدأ بالذات والصفات بقدر ما يبدأ بنظرية العلم، ثم نظرية الوجود. ويمكن أن يناظر هذا انتقال المعتزلة من أصل التوحيد إلى أصل العدل؛ أي الذات ← الصفات = التوحيد ← العدل = نظرية المعرفة ← نظرية الوجود.
وبشيء من التعيين والتوجيه القصدي نحو أطروحتنا، الطبيعيات في الكلام، وعلى سبيل التمهيد لوضعيتها المستقبلية التي ننشدها في نظرية المعرفة، هل يمكن أن يناظر هذا انتقالا من عموم مسئولية الإنسان عن أدوات العلم والمعرفة:
إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا
إلى مسئولية عن الشكل الجديد لتآزر هذه الأدوات - الحواس والعقل - وتكاملها في أقوى وأنضج صورة؛ أي في المنهج العلمي التجريبي، المنهج الفرضي الاستنباطي، بفاعليته المشهودة في تغيير وتطوير عالم الإنسان ووجوده المتعين.
وكما رأينا، كلما تطور علم الكلام كان يقل اعتماده على النص، ويزداد اعتماده على العقل، حتى كان تمامه في الحكمة حيث المعقول البرهاني. وشهد علم الكلام في بعض مراحله اتساعا في تحليلات المعرفة والوجود، هذه التحليلات امتدت وانتشرت حتى اختفى علم الكلام، وسادت الفلسفة في النهاية. كل هذه الفعالية العقلية كان من الممكن أن تسفر عن اكتشاف بين للطبيعة.
وقد أفصح هذا الاكتشاف عن نفسه في شكل اهتمام المتكلمين الفائق بالجوهر وأعراضه؛ ليكون مبحث الجواهر هو بعد الطبيعة، بقدر ما كان مبحث الأعراض هو بعد الإنسان، ولئن انقسمت الأعراض بدورها عند المتكلمين إلى نوعين، الأول يختص بالحياة وما يتبعها من إدراكات كالعلم والقدرة والسمع والبصر، والثاني يختص بالأكوان والمحسوسات؛ أي ظواهر الطبيعة الجامدة، فإنه حتى في هذه القسمة يظهر الإنسان ككائن حي مدرك، ويظهر العالم الطبيعي كموضوع مدرك له. هكذا نظفر ببعدي الإنسان والطبيعة: قطبي الطبيعيات المرومين، لا سيما من حيث هي إبستمولوجية، بل ويمكن أن نظفر بوجود الإنسان في الطبيعة: إن الإنسان والطبيعة هما القطبان الأساسيان للموقف العلمي.
هذه العوامل التي كانت كفيلة بتأسيس الموقف العلمي، لم تكن فقاعات على السطح، وقد أظهر عرضنا السابق كيف انصبت نظرية الوجود على الطبيعة، كأن التوحيد افتراض نظري تفسر على أساسه الظواهر الطبيعية، أو رؤية موجهة للذهن نحو الطبيعة؛ فلا إثبات لله ولا تفكير فيه إلا بعد التفكير في الطبيعة وعالمها. «وكأن الدين لا يتأسس إلا في العلم الطبيعي، وفي هذا اتفاق الكلام مع الحكمة، وأيضا مع أصول الفقه والتصوف.»
अज्ञात पृष्ठ