प्रकृति और परा प्रकृति: पदार्थ, जीवन, ईश्वर
الطبيعة وما بعد الطبيعة: المادة . الحياة . الله
शैलियों
ومن موقفه الأول هذا، جنح هجل إلى القول بغير الله وتطوره، فتصوره كالبذرة ينمو في صور أكمل فأكمل، هو نعسان في النبات، وحالم في الحيوان، ويقظان مفكر في الإنسان، لكي يترقى به ومعه صوب مثل أعلى يسعى إليه دوما، ولا يبلغ إليه أبدا. ويسلم هجل وأضرابه أن الجزئيات متناهية ناقصة، ولكنهم يستدركون فيقولون: إن العالم في جملته حائز على قوة التطور والاستكمال، وإن جملة العالم هي الموجود الضروري. كلا، إن الله ثابت كامل دائما، والموجود المتغير الصاعد من أسفل إلى أعلى لا يمكن أن يكون إلها، سواء افترضناه شخصا أو جملة.
وللأحاديين شبهة تتعلق باسم الوجود وما يقال عليه من أنحاء، فقد ظنوا - وفي مقدمتهم البراهمة وبارمنيدس وسبينوزا كما رأينا - أن اسم الوجود ينطبق على جميع الموجودات بالتواطؤ، أي بنفس المعنى، كما ينطبق اسم الجنس على أنواعه، واسم النوع على أفراده؛ واعتبروا مختلف الماهيات مظاهر موجود واحد مقابل للمعنى المتواطئ. وهذا أيضا غلط؛ إنه وهم توحي به المخيلة، على حين أن العقل إذا أنعم الروية لا يلبث أن يدرك أن الوجود ليس من قبيل معاني الأجناس والأنواع.
إن تحت كل جنس أنواعا مشتركة في ماهية، كاشتراك الحيوانات في الحس، فيجرد العقل تلك الماهية عن الأنواع، فيقع المعنى المجرد هكذا على ماهية معينة متكررة بالذات في كل نوع؛ كذلك تحت كل نوع أفراد مشتركة في ماهيته، كاشتراك بني الإنسان في الحيوانية والنطق، فيجرد العقل تلك الماهية عن الأفراد، فيقع المعنى المجرد هكذا على ماهية معينة متكررة بالذات في كل فرد، أما الوجود، فليس تحته مشتركات في ماهيته يجمع بينها في معنى واحد، وإنما تحته متغايرات ماهية وأعراض، فيحفظ على كل منها الماهية والأعراض أيضا؛ لأنها داخلة تحت الوجود، فلا يكون معينا إلا ضربا من التعيين، في تضمن وغموض، لاشتماله على متغايرات، فهو واحد بالشكل ولدى المخيلة، كثير بالموضوعات. وهذه الكثرة تمنع الدلالة المتواطئة وتردنا إلى التشكيك الذي يعني اتفاقا من وجه واختلافا من وجه، وتردنا إلى التناسب الذي يعني أن الصفة المشتركة بين متغايرين بالماهية يجب أن تكون في كل منهم على قدره وتبعا لماهيته، وتجعلنا نفكر أن صفة المعرفة مثلا لا تكون في الله والملاك والإنسان والحيوان على نحو واحد، بل تكون في كل منهم على حسب ماهيته، بحيث تكون المعرفة في الله بالنسبة إلى الذات الإلهية كالمعرفة في الإنسان بالنسبة إلى الطبيعة الإنسانية، وعلى هذا يطلق الوجود بمعنى حق على كل موجود، لكن بالتناسب، أي مع ملاحظة أن الوجود في كل موجود على حسب هذا الموجود، والنتيجة الأخيرة أن ليس الوجود واحدا لا في الواقع ولا في العقل، خلافا للمبدأ الأساسي الذي يصطنعه الأحاديون. (2) مباينة الله والعالم
ذلك هو الجانب الميتافيزيقي للمناقشة. وهناك جانب آخر عقلي ميتافيزيقي أيضا، ولكنه أقل تجريدا، وأقل اقتضاء للتعمق وإمعان النظر، وأخصر سبيلا، ولو أنه قاطع مفحم؛ قوامه أن دعوى الوحدة يسقطها إظهار المباينة، وتقضي عليها بادئ ذي بدء البراهين على وجود الله. إن هذه البراهين تؤدي إلى إثبات موجود أعظم مختص بصفات لا مثيل لها، من بساطة وكمال ولا نهاية وثبات، بينما العالم مركب ناقص متناه متغير، وإذن فليس هو حاصلا على علة وجوده، ولا يمكن أن يعتبر هو الله، ولا أن يندمج الله فيه: كيف يتكون الكامل من آحاد ناقصة؟ كيف يتكون اللامتناهي من أجزاء متناهية؟ إن التعارض تام حاسم بين الماهية الإلهية وبين الطبيعة.
وامتداد العالم في المكان والزمان يفصل أفعاله وانفعالاته بعضها من بعض: فأي جزء منه فاعل محرك للباقي، وأي جزء منفعل متحرك؟ ولم يختص هذا بالحركة وذاك بالتحريك؟ أليست هذه الاختصاصات منافية للوحدة؟
أجل إنهم يردون إلى الله كل فعل وانفعال، ولكن الله في مذهبهم ليس مستقلا مسيطرا على الطبيعة، وإنما هو متحد بها موزع إليها: فأين تقع الأفعال والانفعالات؟ لقد تصور سبينوزا الله تصورا كميا، أي: جسما هو الطبيعة، وزاد عليها صفة اللانهاية ليحيلها إلهية؛ وصنع مثله كثيرون. ولكن محال أن تكون المادة غير متناهية، إنها متناهية محدودة بسطحها، ولكل مادة شكل كما هو ظاهر، ومحدودة بقوتها، فإن قوة المتناهي متناهية مثله. إن اللانهاية إذا لم تكن لا نهاية كيف وكمال مفارقة للعالم متعالية على المكان والزمان، فما هي بشيء سوى لفظ أجوف نخدع به أنفسنا؛ وإذا قلنا: إن الله في كل مكان وزمان، عنينا أنه في المكان بقدرته، وأن قدرته لا تقف عند حد؛ وعنينا أنه في كل زمان بثباته وبقائه فعلا محضا.
وكيف يكون الوجود واحدا وليست تظهرنا التجربة على اتحاد وجودنا بالوجود الكلي؟ إنها على العكس تؤكد استقلالنا عن كل وجود سوى وجود وجداننا وشهادته بفاعليتنا: كيف نفسر الفردية والشخصية؟ وكثرة الوجدانات من شأنها أن تؤيد تجربتنا وتزيد في الفصل بين الموجودات. إنهم إذ يردون جميع الأفعال إلى الله، غير آبهين بالشخصية وكثرة الشخصيات بحجة أن الوجود واحد والفاعل واحد، يلغون الحرية وما يترتب عليها من معان خلقية، كالواجب والحق، والعدالة والظلم، وكل فضيلة ورذيلة. ويا ليتهم يضيفون إلى الله الحسنات وحسب، ولكن منطق مذهبهم يضطرهم إلى إضافة السيئات أيضا، من معاص وأخطاء، واعتبارها ضرورية في نظام العالم، ما دام العالم كلا وما دامت أحداثه لازمة عن ذاته الضرورية، فيعفون الله من العصمة والقداسة، ويعفون الإنسان من المسئولية والسعي إلى التحلي بمكارم الأخلاق. (3) اعتراضات وردود
وللأحاديين اعتراضات على الأديان المخالفة لهم، نرد عليها إتماما لبيان مذهبهم وإبراز مواضع ضعفه:
اعتراض أول:
أن الجوهر موجود بذاته، وأن الوجود بالذات خاصية الله، فكل جوهر هو إلهي. والجواب أن في هذا الاستدلال خلطا بين الوجود في الذات، الذي هو تعريف الجوهر بالإجمال وخاصية كل جوهر، تمييزا له من العرض، الذي هو الوجود في الغير، وبين الوجود بالذات الذي هو خاصية الله.
अज्ञात पृष्ठ