ولما توفي تذكره المهدي وحسن معاشرته له. كان أنيس مجلسه وقد كان معجبًا به وبشعره، وكان يدنيه، وكان بشار كفيفًا قبل موته بأربعين سنة، ولهذا كان يحضر المجلس والجواري عند المهدي لكونه لا يبصرهن. وحكى أن المهدي لما قتل بشارًا ندم على قتله وأحبّ أن يجد شيئًا يتعلق به، فبعث إلى كتبه، فأحضرها وأمر بتفتيشها طمعًا في أن يجد فيها شيئًا مما حزبه عليه، فلم يجد من ذلك شيئًا، ومرّ بطومار مختوم، فظن أن فيه شيئًا، فأمر بنشره، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، إني أردت أن أهجو آل سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس، فذكرت قرابتهم من رسول الله ﷺ وآله، فمنعني ذلك من هجوهم، ووهبت جرمهم لله ﷿، وقد قلت بيتين لم أذكر فيهما عرضًا ولم أقدح في دين، وهما:
دينار آل سليمان ودرهمهم ... كالبابليين شدًّا بالعفاريت
لا يوجدان ولا يرجى لقاؤهما ... كما سمعت بهاروت وماروت
فقال: الآن والله صح الندم.
وحدثني أبو جعفر قال: قال ابن أبي أفلح: قال رجل لبشار: إن الله ﷿ ما سلب أحدًا كريمتيه إلا عوضه عنهما حسن صوت أو ذكاء، فأنت فماذا عوضك من بصرك؟ فقال: عوضني فقدان النظر إلى ابن زانية مثلك منذ أربعين سنة.
قال السدري: كان عمي بشار من أفقه الناس وأعلمهم بكتاب الله،
1 / 22