نزول الامام عبد الوهاب رحمة الله على مدينة طرابلس حدث غير واحد من اصحابنا ان الامام رحمه الله أراد المسير الى الحج فاخذ في اهبة السفر ، ثم سار متوجها ، فلما وصل الى جبال دمرا استعمل عليها رجلا من أهلها يقال له فزار ، ثم توجه إلى جبل نفوسه ، فاجتمعت عليه جموع نفوسه فاخبرهم بما عزم عليه من تيممه الحج .فقالوا يا امير المؤمنين ان رايت المقا م فعلت ، فانا نخشى عليك من المسودة(1 ) ، فانهم ان علموا بمسيرك عن بلادك وتوجهك الى بلادهم لم تسلم من افة تصيبك منهم ، من قتل ، او سجن ، او نكال . وقد تعين عليك القيام بأمور المسلمين ، والنظر فيما يجمع كلمتهم ، ويصلح شأنهم فاقامتك فيهم آكد وواجب . فقد علمت انك لو غبت عنهم لضاعت الحقوق وتفرقت الكلمة ، قال فأرسل الامام رحمه الله إلى اخوانه بالمشرق وكان المقدم في ذلك العصر في العلم والورع والفضل أبا الربيع بن حبيب ، رحمه الله وابن عباد المصري ، فلما وصلهم الرسل والقوا اليهما من القول ما دار بين الامام وبين جماعة نفوسة ، واخبروهما ان الامام يستفتيهما مستضيئا علما من نورهما ، مع ما وهب الله له من العلم ، معتمدا ان فتيا غيره في نازلة مختصة به أولى ، وانهى للنفس عنالهوى . فاجابه الربيع بان من كان مثلك في العناية بأمور المسلمين ومحل امانتهم وخاف على نفسه من أهل الجور والبغي ، فينبغي له ان يستأجر من يحج عنه وهو حي . واجاب ابن عباد بان من كان على هذه الصفة فليس عليه حج ، لان امان الطريق من الشروط التي هي مشترطة في وجوب الحج . فمكث الامام رحمه الله ينتظر رسله ، فلما قدمت الرسل بالجوابين أخذ بجواب الربيع وارسل من يحج عنه .
पृष्ठ 70