وبلغنا ان ميمون بن عبد الوهاب قتل ليلا وقطع لحمه اربا اربا ، فلما اصبح وجده اهل المدينة على تلك الحال فأوتي به إلى الامام رحمه اله فنظر إليه الامام فقال : أي بني ، اجتمعت في مصيبتي فيك ثلاث امثال للعامة ، احدهما قولهم فيمن مرت الخيل بكسائه ، والثانية قولهم فيمن اصيب بليل ، والثالثة قولهم اذا مسست ابن السلطان فأمسسه مس عنيفا . ثم جهز ابنه ودفنه ، ولم يدر من قتله وذلك بعد مصاب ابن فندين واصحابه ورجوع الجواب . ثم ان ابنا لميمون خرج ساعيا ، فلما وصل إلى النكار نادوه يا ابن المهدور دمه ، فرجع إلى جده عبد الوهاب فاخبره الخبر ، فجعل يبحث عن قاتله حتى حقق ان النكار قتلوه ، فاخرج اليهم عسكرا وامر عليه ابن ميمون فأدركهم بعد أيام فألفاهم مجتمعين على اهبة ينتظرون . فصادفوه فقاتلهم فهزمهم الله له ، وقتل منهم عددا كثيرا فقصر الناس عن احصاء عدد القتلى ، فقالوا : أي اسماء القوم اقل عددا فصححوا ان أقل اسماءهم هارون ، فقالوا احسبوا كم قتيلا اسمه هارون ، فوجدهم ثلاثمائة ، فما ظنك بسوى هارون فاومن الله قوتهم ورد كيدهم واذلهم .
وكان بيت الرستميين بيت العلوم وجامعا لفنونها ، من علم التفسير والحديث ، والفرائض ، والاصول ، والفروع وعلم اللسان ، وعلم النجوم ، وقد حكي عن بعضهم انه قال : معاذ الله ان تكون عندنا امة لا تعرف منزلة القمر ، وبلغنا ان عبد الوهاب بعث ألف دينار إلى اخوانه بالبصرة ليشتروا له بها كتبا ، فاقتضى نظرهم ان يشتروها ورقا وتطوعوا بالمداد واجرة النساخ والمفسرين ، حتى اكملوا ديوانا عظيما فبعثوا به اليه فشق(5 ) جميع الديوان فقال الحمد لله اذ ليس فيه مسألة عزبت عنى الا مسألتان ولو سئلت عنهما لاجبت قياسا على نظائرهما ووافقت الصواب .
----------------------------------
पृष्ठ 59