وقد ذكر انهم قالوا لصاحبهم اذا انت قتلت الامام فأذن لصلاة الصبح عند طلوع الفجر ، فاذا سمعوا اذانه ابتدروا لدار الامام ، وان هو لم يؤذن علموا انه لم يظفر بحاجته فلما جن الليل أخذ الامام رحمه الله في صلاته فلما فرغ منها وكانت عادته اذا فرغ منها ان يتناول كابا فيقرأ فيه حينا من الليل ، فلما كانت تلك الليلة عمد الامام إلى زق منفوخ فوضعه على فراشه . والقى عليه ملحفة بيضاء ، فلما قضى حاجته من قراءة الكتاب وحان وقت نومه أخذ مصباحا وأوقده وكب علي غطاء يستره ، وتنحى إلى جانب البيت واقبل على الصلاة بحيث لا يسمعه ولا يراه من بالتابوت . فلما هدأ صوت الامام عن صاحب التابوت ، وظن ان الامام قد نام ، فتح التابوت فخرج منه فنظر في البيت يمينا وشمالا ن فلم ير شيئا الا بياضا في ناحية البيت كهيئة المضطجع ، فظن انه الامام ، فتيممه فجرد سيفه ، والامام رحمه الله يراه فلما وقف على الفراش ضرب الزق بالسيف فظن انه قد قتل الامام فلما سمع الامام وقعة السيف على الزق كشف الغطاء عن المصباح واتاه الامام والسيف في يده فقده نصفين ولفه في تابوته .
فلما كان الغد اجتمعوا فسألوا من لقيهم ، هل حدث حادث فلم يخبروا بشيء فقال بعضهم لبعض : اسمع احد منكم عن الامام وصاحبكم شيئا ؟ فكل قال : لا ، فقالوا : امضوا بنا لنأخذ تابوتنا ، فنقول قد اتفقنا . ففعلوا ذلك فقال لهم الامام : امضوا إلى حيث وضعتموه فخذوه . فمضوا حتى دخلوا البيت فوجدوا تابوتهم في الموضع الذي تركوه فيه فحملوه ، فما وصلوا إلى مأمنهم فتحوا التابوت فوجدوا صاحبهم قتيلا مقدودا نصفين ، فخيب الله سعيهم ، واخلف ظنهم ، والحد لله ، فخرجوا من المدينة خوفا من ان يوقع بهم الامام والمسلمون لسوء صنعهم .
पृष्ठ 56