وكانت بعنوان "منهج كتابة التاريخ الإسلامي، مع دراسة لتطور التدوين ولمناهج المؤرخين في القرون الثلاثة الأولى"، ثم أوقفني أحد الفضلاء على الناقص من مخطوطة الطبقات وذلك في مكتبة الشيخ المرحوم: عبد الرحيم بن صِدّيق، والتي آلت بعد وفاته إلى مكتبة الحرم المكي الشريف فلما اطلعت عليها أدركت أهميتها وعزمت على العمل على نشرها وتحقيقها وطلبت منه صورة عنها، ولكن تبين لي أن نسخته غير مرتبة الأوراق، مما جعلني أبحث عن أصل المخطوطة، وجلبت عنها صورة كاملة في ثمانية مجلدات كبيرة، وذلك بعد جهد ومشقة، كما أنه قد واجهني من الصعوبات كثرة الأسماء المبهمة في الأسانيد مما يحتاج إلى دُرْبَة ومراس في معرفة الرجال، ونظرا لأهمية المخطوطة وكونها في تاريخ الصحابة ﵃ ولحساسية الموضوعات التي تعرضت لها، ولكن مصنفها روى ما فيها من معلومات بالأسانيد على منهج الجمع والتقميش لا على منهج التحديث والتفتيش، كما قال يحيى بن معين: "إذا كتبت فقمِّش وإذا حدثت ففتِّش" (^١).
فقد رأيت أن أتبع في تحقيقها أعلى المناهج وأدقها، "منهج المحدثين" وذلك بدراسة الأسانيد والحكم عليها، وجمع الطرق والروايات لمعرفة الشواهد والمتابعات، وما في المتون من الشذوذ والغرابة، وهذه صعوبة جديدة ومِحْنَة قادت إلى مِنْحَة، حيث يسر الله لي دراسة أصول هذه العلم على المتخصصين فيه، ثم قراءة كثير من مصادره المختصرة والمطولة، والحمد لله على ذلك وقد جاءت خطة البحث في قسمين: -
- القسم الأول: الدراسة.
- القسم الثاني: التحقيق.
وجعلت الدراسة في ثلاثة فصول.
الفصل الأول: عن حياة المؤلف.
_________
(^١) الذهبي: سير أعلام النبلاء: ١١/ ٨٥.
1 / 12