============================================================
شتى، كل منهم متعلق بحاجة من السلطان، فأخذ درجا من الورق، وكتب فيه امتلأ فوصل فيه اخر وكتب فيه حتى امتلأ، ثم اخر كذلك حتى كتب نحو مائة فصل يذكر فيها حوائج المذكورين، وتقدم به الى الملك الناصر فما رجع إلا بالجواب على جميع تلك الفصول بقضاء حوائج أصحابها، وكان مع ذلك يقوم بكفاية الجميع مدة اقامتهم، وله من ذلك شيء كثير مما يدل على مكارم الأخلاق رحه الله تعالى، ولم يشغله القيام بحوائج المسلمين وصحبة الملوك عن الاشتغال بالعلوم، بل صنف عدة مصنفات منها كتاب موجبات الرحمة في الحديث، غريب في بابه كثير الفوائد في مجلدين كبيرين، ومنها كتابان في خرقة الصوفية مبسوط ومختص، أجاد فيهما كل الاجادة، وله غير ذلك من المصنفات، وله كلام في التصوف منثور ومنظوم. فمن كلامه المنثور قوله: لا يصح التحكم في اسرار القدرة إلا بعد تحقيق التبري من الحول والقوة، وقال: من تحقق بحقائق التقوى كاشفه الله بأسرار الغيوب، وقال: الفقراء هم قوم فرغوا عن الكل وما دخلوا من حيت خرجوا ولا خرجوا من حيت دخلوا، وقال في معنى قولهم: حسنات الابرار سيئات المقربين، هؤلاء يشهدون قربهم من الله فيما قامت بسه نفوسهم من طاعاتهم وأعماهم، وأولئك يرون ثبوت آثارهم مع الحق في الأفعال أنه ببعدهم واعتلالهم.
وقال: التصوف التصفي من اختلاط أخلاق البشرية، والاتصاف بحقائق معاني الصمدية، وقال: الطبع المعروف لأرباب السماع، هو ما استقام بملاحظة من الحق للعبد، وهو نفس من الأنفاس الرحمانية، والطبع المذكور لأهل السماع، هو ما استقام بملاحظة من العبد للحق، وهو من عيش النفس الحيوانية، ومن شعره في التصوف قوله: تورع وتب وازهد وصل وصم ولا تم واعتزل واصمت وراقب وأيقن وكن دائما في الذكر والشكر قائما على الصدق والاخلاص في كل موطن واياك لي أو بي واياك لو ولم ومن والى واصبر وصابر واتقن
पृष्ठ 90