قالوا في آداب(1) القاضي(2) والمفتي(3): إن اتفاق أئمة الهدى واختلافهم رحمة من الله تعالى، وتوسعة على الناس، وإذا كان أبو حنيفة في جانب وأبي يوسف ومحمد في جانب، فالمفتي بالخيار إن شاء أخذ بقوله، وإن شاء أخذ بقولهما، وإن(4) كان أحدهما مع أبي حنيفة يؤخذ بقولهما(5) البتة إلا إذا اصطلح المشايخ بقول ذلك الواحد، فيتبع اصطلاحهم(6) (4كما اختار(7) الفقيه أبو الليث قول زفر في قعود المريض(8) للصلاة أنه يقعد كما يقعد المصلي في التشهد؛ لأنه أيسر (6على المريض(9)، وإن كان قول أصحابنا (10) أنه يقعد في حالة القيام محتبئا(11) ؛ ليكون فرقا بين القعدة(1) و(2)القعود الذي له حكم القيام، ولكن هذا يشق(3) على المريض؛ لأنه لم يقدر(4) على(5) هذا القعود(6).
وكذلك اختيار(7) تضمين الساعي إذا سعى إلى السلطان بغير ذنب، وهذا(8) قول زفر؛ سدا لباب السعاية، وإن كان على قول (4أصحابنا(9)(10) فلا(11)يجب الضمان؛ لأنه لم يتلف(12) عليه مالا.
ولا يجوز للمشايخ(13) أن يأخذوا بقول واحد(14) من أصحابنا عملا لمصلحة أهل الزمان، ولو اختلف المتأخرون يختار واحدا من ذلك، فلا بد أن يعلم(15) أحوالهم ومراتبهم حتى يرجح(16) واحدا منهم عند التعارض والاختلاف. (11والله أعلم(17).
وهذا حين الشروع في المقدمة فبعون الله ابتدئ وأستعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
( ( (
1
الإمام الأعظم(18) أبو حنيفة
पृष्ठ 45