[طبقات الحنفية لابن الحنائي]
[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله أجمعين.
وبعد: فهذا كتاب مختصر في ذكر(1) طبقات الحنفية(2)، ذكرت فيه المشاهير من الأئمة الذين نقلوا علم الشريعة في كل طبقة ونشروها بين الأئمة، مع سلسلتهم على طبقاتهم وأحوالهم و(3)درجاتهم الأقدم فالأقدم، على الترتيب البليغ(4) والنظام الأحكم، بحيث لا يسع(5) الفقيه(6) جهله؛ لحاجته(7) إليه في معرفة من يعتبر قوله في انعقاد الإجماع في محل الاتفاق والاجتماع، ويعتد به في الاختلاف(8) في محل الافتراق(9) والاختلاف، وافتقاره إليه في الترجيح والإعمال عند تعارض(10) الأقوال بقول(11) أعلمهم وأورعهم(12) في الأحوال، والله المستعان وعليه التكلان.
فأقول(13): إن الله سبحانه وتعالى أكرم هذه الأمة حيث جعلهم مع علمائهم كمثل بني إسرائيل مع أنبيائهم، فجعل في قدمائهم أئمة كالأعلام، ومهد بهم قواعد الشرع، وشيد بنيان الإسلام، وأوضح بآدابهم(14) معضلات الأحكام؛ لينال الفلاح من اتبعهم إلى يوم القيام، وخص من بينهم نفرا بإعلاء(15) أقدارهم(16) ومناصبهم، وأبقى(17) أذكارهم ومذاهبهم، إذ على(18) أقوالهم(19) مدار الأحكام، وبمذاهبهم يفتي فقهاء الإسلام، وهم الأئمة الستة المشهورة بين الأخيار الذين شاع مذاهبهم(20) في(21) الأمصار، وجمعهم البعض(22)، فقال:
पृष्ठ 32