ص _151 وقد يسافرون إلى الخارج ليشتموا إنجلترا فى فرنسا أو فرنسا فى إنجلترا.
وقد يتنقلون فى جنبات البلاد ليسمعوا الهتاف باسمهم، أو لتنطلق المظاهرات الصاخبة فى الشوارع صياحة بما تبغى من مطالب... والجيوش المحتلة ترمق هذه المظاهرات وهى قريرة العين بما تسمع وترى.
وقد كان سعد زغلول والمدرسة التى تخرجت على يدية- وهى للأسف صاحبة الشأن الأول فى مصر- مثلا فريدا لهذا النحو المتهافت من الجهاد الوطنى الفاشل.
إن الجهاد الناجح يعتمد على الإيمان. وهؤلاء أضعفوه بالإلحاد، ويعتمد على التضحية وهؤلاء أفسدوه بالأثرة.
وطليعة المجاهدين هم الشباب، وقد تسابقت أحزاب الساسة العجزة إلى تعليق هممهم بالوظائف والترقيات، وفتح عيونهم على مفاتن النسوة فجروا وراء الشهوات!.. وهيهات أن تدرك أمة أمانيها- وهذه عدتها-!
لذلك كان ظهور الإخوان المسلمين وامتداد دعوتهم بريق أمل فى هذه الظلمات المتكاثفة..
لقد حزموا الهتاف للأشخاص أيا كانوا وجعلوا شعارهم الفريد: "الله أكبر الله أكبر ولله الحمد" وهذا منطق سديد، فالذين يرفضون العبودية للأجانب لا يحطمون قيودها ليلبسوها من جديد عبودية للكبراء فى الداخل، إنما تنشق الحناجر بتحية الله وحده. أما البشر كافة فليس لهم من ذلك نصيب!
ولقد آثروا الآخرة ونعيمها إذا كان غيرهم يؤثر الدنيا ومتاعها، وهل يطلب الاستشهاد ويعشق الموت فى سبيل الله إلا على هذا الأساس؟؟
والآن يستشرى عدوان اللصوص الحمر ويقف جنودهم على أفواه السكك وبطون الأودية يشتغلون بارتكاب حوادث السطو والنهب.
وينادى كل شىء فى هذا الوادى بضرورة المقاومة ورد العدوان..
بيد أن الساسة الذين مرنوا على اعتبار الجهاد إلقاء خطب وسوق مظاهرات
لا يزالون على طريقتهم الأولى من الكفاح وهم قعود وراء المكاتب!!.
* * *
ص _152
पृष्ठ 151