Taal Al-Rabwa: The Teacher's Guide to Educating His Student
طل الربوة تربية الأستاذ الداعية لتلميذه
प्रकाशक
الكتاب منشور على موقع وزارة الأوقاف السعودية بدون بيانات
शैलियों
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
فإني أقدم هذه القطوف المفيدة، للأستاذ الذي جعل همه تعليم العلم والعمل به، وغرسهما في نفوس تلاميذه، وللتلاميذ الذين يهمهم التلقي السليم المفيد، الذي يثمر في نفوسهم العلم والعمل.
أسأل الله أن ينفعني وإخواني المسلمين بها، إنه على كل شئ قدير وصلى الله وسلم على خير المعلمين، وعلى أهله وصحبه خير من تلقى عنه وطبق ما تعلمه في واقع الحياة.
1 / 1
(١) الإخلاص:
والمراد بالإخلاص، تصفية العمل وتنقيته من شوائب الشرك بالله تعالى سواء كان شركًا أكبر، وهو الذي قال الله تعالى فيه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] .
أو شركًا أصغر، ومنه إرادة الإنسان بعمله الرياء، أي مراءاة الناس، كما قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ . [الكهف: ١١٠] .
وقال تعالى - في الحديث القدسي ـ: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» [مسلم (٤ / ٢٢٨٩)] .
وقد أمر الله تعالى بالإخلاص في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ في نصوص كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥] .
وقال النبي ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» [البخاري (١ / ٢) ومسلم (٣ / ١٥١٥)] .
1 / 2
وقال ﷺ في حديث جبريل: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» [البخاري (٦ / ٢٠) ومسلم (١ / ٣٧)] .
وقال ﷺ: «اتق الله حيثما كنت» [الترمذي (٤ / ٣٥٥) وقال: حسن صحيح، والدارمي (٢ / ٢٣١)] .
فعلى الأستاذ أن يحرص كل الحرص على الإخلاص ومحاربة الرياء في نفسه، وفي تلاميذه، وأن يذكروا أن المخلوقين مهما عظمت منزلتهم فهم مخلوقون، لا يقدرون أن ينفعوهم شيئا ولا يضروهم، وأن يتذكروا عظمة الله الخالق الذي إذا أراد شيئًا فإنما يقول له: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ .
فإن تذكر الأمرين ضعف المخلوق وعجزه، وقوة الخالق وقدرته وعظمته، مما يعين على إخلاص الأعمال لله تعالى.
1 / 3
(٢) التلقي من أجل العمل بالعلم، لا من أجل الثقافة والترف العملي والفكري، وإن كانت الثقافة ستحصل تبعًا، وتتوسع آفاق فكر العامل، وهكذا كان أصحاب رسول الله ﷺ، فما كانوا يتجاوزون عشر آيات حتى يعلموهن ويعملوا بهن، وبفقد هذه الروح أو ضعفها في طلبة العلم، كثر المنتسبون للعلم وقلّ العمل، بل وأصبح الفساد الذي يأتي من قبل بعضهم أكثر من الفساد الآتي من عامة الناس.
وقد قال الله تعالى عن اليهود الذين يعلمون ولا يعملون: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ﴾ [الجمعة: ٥] .
وقال تعالى عمن لم يعمل بما علم في هذه الأمة معاتبًا ومنكرًا: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢-٣] .
فعلى الأستاذ أن يجتهد في تحقيق هذا المعنى في نفسه، وفي نفوس تلاميذه، حتى لا يكونوا نسخًا مكررة لغيرهم، من عامة المسلمين الذين مُنُوا بالجهل والهوى والبُعد عن الله.
1 / 4
(٣) موافقة الفعل للشرع، وعدم الزيادة والنقصان فيه - أي اتباع الرسول ﷺ والبعد عن البدع.
قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [آل عمران: ٣١] .
قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ .. [الأحزاب: ٣٦] .
وقال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧] .
وقال النبي ﷺ: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» [البخاري (٨ / ١٥٦) ومسلم (٣ / ١٣٤٣)] .
وقال ﷺ: «صلوا كما رأيتموني أصلي» [البخاري (١ / ٥٥)] .
وقال ﷺ: «خذوا عني مناسككم فلعلي لا أحج بعد عامي هذا» [مسلم (٢ / ٩٤٣)] .
1 / 5
وقال العلماء في قوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك: ٢]: أخلصه وأصوبه - قيل ما معنى أخلصه وأصوبه؟ - قال: إن العمل لا يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص ما قصد به وجه الله، والصواب ما وافق سنة رسوله ﷺ. [الفتاوى: (١٠ / ١٧٣)] .
1 / 6
(٤) الإكثار من قراءة كتاب الله تعالى، مع تدبره وتفهم مراميه، وعرض الإنسان نفسه عليه، ليعلم من هو سائر في طريقه أي طريق القرآن - أم في طريق عدوه - الشيطان؟ وينبغي أن يحافظ على ورد معين منه يوميًا، لأن البعد عنه يورث القسوة في القلب والغفلة عن الله.
1 / 7
(٥) الإكثار من ذكر الله، المطلق منه والمقيد، والمراد بالمطلق ما لم يقيد بزمان ولا مكان ولا عدد ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٤١] .
«لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله» [الترمذي (٥ / ٤٥٨) وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه] .
والذكر المقيد ما قيد بزمان، كأذكار الصباح والمساء وأدبار الصلوات، أو بمكان كأذكار مناسك الحج المعينة، وغير ذلك، أو بعدد كالاستغفار مائة مرة، وتسبيح ثلاث وثلاثين.
ويمكن الرجوع في هذا الباب، إلى الكلم الطيب لابن تيمية، وصحيحه للألباني، والوابل الصيب، لابن القيم، والأذكار للنووي ورياض الصالحين، وغيرها من كتب السنة.
1 / 8
(٦) القراءة المستمرة في كتب السنة، وسيرة الرسول ﷺ، لأن السنة تفسر القرآن وتكمل ما أراد الله من عباده، والرسول ﷺ هو القدوة العليا للمسلم.
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١] .
[يراجع في ذلك الأمهات الست، والترغيب والترهيب ورياض الصالحين ومشكاة المصابيح وسيرة ابن هشام، ومختصر السيرة لمحمد بن عبد الوهاب، ومختصر السيرة لابنه أيضًا وفقه السيرة للغزالي] .
1 / 9
(٧) قراءة سيرة أصحاب الرسول ﷺ، باعتبارهم النموذج البشري الذي طبق الاقتداء بالرسول ﷺ، في أعلى صورة "جيل قرآني فريد".
[يراجع في ذلك تاريخ ابن كثير، وغيرها كحياة الصحابة، وكذلك سيرة الدعاة العاملين في كل زمان ومكان] .
1 / 10
(٨) المحافظة على الفرائض المكتوبة، من صلاة وصيام وحج وزكاة وغيرها من الواجبات الأخرى، كبرِّ الوالدين وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
كما قال تعالى: «ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه» حديث قدسي [البخاري (٧ / ١٩٠)] .
وقال النبي ﷺ: «وفرض فرائض فلا تضيعوها» . [الدارقطني. راجع جامع العلوم والحكم لابن رجب ص٢٤٢] .
1 / 11
(٩) الإكثار من نوافل الطاعات، التي تعتبر حاجزًا منيعًا، يحول بين الشيطان وبين تثبيط المؤمن عن القيام بالواجبات، كما أنها تكمل النقص الذي قد يحصل في الفرائض.
«ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها» [البخاري (٧ / ١٩٠)] .
أي أن الله يحيطه بعنايته وتوفيقه، فلا يستعمل نعم الله التي أنعم بها عليه، إلا في طاعته.
ومن أعظم النوافل التي ينبغي الحرص عليها وعدم التقصير، فيها قيام الليل الذي حافظ عليه الرسول ﷺ، وكان وقوده الذي يمده بالصبر على البلاء والامتحان..
﴿يا أيها الْمُزَّمِّلُ﴾ ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ ﴿نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا﴾ ﴿أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل: ١ـ٦] .
1 / 12
والأستاذ الداعية إلى الله، والطالب الذي يعد للدعوة إلى الله، في حاجة إلى تأمل هذه الآيات والعمل بهن، للقيام بأعباء الدعوة والتكليفات الإلهية..
فالرسول ﷺ الذي كان ينزل عليه جبريل من السماء صباحًا ومساءً، كان في حاجة إلى الاتصال المتكرر بالسند الذي يؤيده، لتثبيت صبره وقوة احتماله، فأمر بقيام الليل من أجل ذلك ﴿قُمِ اللَّيْلَ﴾ .... ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ .
1 / 13
(١٠) مجاهدة النفس، للوصول إلى محبة الله تعالى ومحبة رسول ﷺ، المحبة الصادقة التي أرادها الله، والتي عبر عنها رسول الله ﷺ في قوله: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يلقى في النار» [البخاري (/ ٩،١٠) ومسلم (١ / ٦٦)] .
وقوله ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين» [البخاري (١ / ٩)] .
تظهر محبة الله ورسوله، ومحبة من يحبه الله ورسوله، عندما يقدم العبد رضا الله على سواه.
كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٢٤] .
1 / 14
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [آل عمران: ٣١] .
1 / 15
(١١) مجالسة الصالحين، الذين يعينون على فعل الخير وترك الشر، فإن في مجالسة أهل الشر الخسران الذي يندم عليه صاحبه في الدنيا والآخرة ...
قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾ ﴿يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا﴾ ﴿لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾ [الفرقان: ٢٧ـ٢٩] .
وفي حديث أبي موسى المتفق عليه أن النبي ﷺ قال: «إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا منتنة» [البخاري (٣ / ١٦) ومسلم (٤ / ٢٠٢٦)] .
وكم من أستاذ كان ظاهر الصلاح، ويعتبر مربيًا فصار ضحية لبعده عن الصالحين واقترابه من الفاسدين، وكم من شاب صالح يعتاد المساجد، ويؤمن بالله ورسوله والإسلام، ويجب ما يحبه الله ورسوله، هوى في حمأة الرذيلة والإلحاد بسبب جليس سوء.
1 / 16
فعلى الأستاذ والطالب معًا الحفاظ على مرافقة عباد الله الصالحين، والبعد عن صحبة أتباع الهوى والشيطان..
وبذلك يمكن البُعد عن المحرمات، وفعل الطاعات، وعدم إضاعة الوقت فيما يضر، أو فيما لا ينفع، فقد خلق الله الليل والنهار، خلفة لمن أراد أن يذكّر أو أراد شكورًا.
1 / 17
(١٢) الجد والمثابرة في طلب العلم، من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وكتب أهل العلم الذين يتمسكون بهما، ولا يقدمون عليهما قول أحد كائنًا من كان، والاجتهاد في كل علم نافع للطالب ولأمته.
والتساهل في طلب العلم أو القعود عنه، دليل على الهبوط إلى الجهل، والقعود عن معالي الأمور التي لا تنال بدون العلم.
1 / 18
(١٣) زيارة القبور: لتذكر أصل الإنسان وقيمة الحياة الدنيا، والموت والبعث، والحساب، والدعاء للمؤمنين بالوارد.
1 / 19
(١٤) الإكثار من قراءة كتب الترغيب والترهيب، وصفة الجنة والنار، ونعيم القبر وعذابه، وأحوال يوم القيامة، ومصائر الأمم كقوم نوح وعاد وثمود.
1 / 20