تأويل مختلف الحديث
تأويل مختلف الحديث
प्रकाशक
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
संस्करण संख्या
الطبعة الثانية
प्रकाशन वर्ष
1419 अ.ह.
शैलियों
हदीस विज्ञान
وَأَرَادَ الْأَصْمَعِيُّ، أَنَّ مِنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَحَفَّظَهُ إِيَّاهُ، لَمْ تَحْرِقْهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنْ أُلْقِيَ فِيهَا بِالذُّنُوبِ كَمَا قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: "احْفَظُوا الْقُرْآن، أَو اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَلَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الْمَصَاحِفُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ قَلْبًا وَعَى الْقُرْآنَ" وَجَعَلَ الْجِسْمَ ظَرْفًا لِلْقُرْآنِ كَالْإِهَابِ.
وَالْإِهَابُ: الْجِلْدُ الَّذِي لَمْ يُدْبَغْ.
وَلَوْ كَانَ الْإِهَابُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَدْبُوغًا، مَا جَازَ أَنْ يَجْعَلَهُ كِنَايَةً عَنِ الْجِسْمِ.
وَمِثْلُهُ قَوْلُ عَائِشَةَ ﵂ -حِينَ خَطَبَتْ وَوَصَفَتْ أَبَاهَا فَقَالَتْ: "قَرَّرَ الرُّءُوس عَلَى كَوَاهِلِهَا، وَحَقَنَ الدِّمَاءَ فِي أُهُبِهَا" تَعْنِي: فِي الْأَجْسَادِ.
وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ هَذَا فِي عَصْرِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَمًا لِلنُّبُوَّةِ، وَدَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْ عِنْدِهِ نَزَلَ، أَبَانَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي وَقْتٍ مِنْ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ، وَعِنْدَ طَعْنِ الْمُشْرِكِينَ فِيهِ ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ، كَمَا تَكُونُ الْآيَاتُ فِي عُصُورِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، مِنْ مَيِّتٍ يَحْيَا، وَذِئْبٍ يَتَكَلَّمُ، وَبَعِيرٍ يَشْكُو، وَمَقْبُورٍ تَلْفِظُهُ الْأَرْضُ، ثُمَّ يُعْدَمُ ذَلِكَ بَعْدَهُمْ.
وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنْ يُرَدَّ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: "مَا احْتَرَقَ" إِلَى الْقُرْآنِ لَا إِلَى الْإِهَابِ.
يُرِيدُ: أَنَّهُ إِنْ كُتِبَ الْقُرْآنُ فِي جِلْدٍ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، احْتَرَقَ الْجِلْدُ وَالْمِدَادُ، وَلَمْ يَحْتَرِقِ الْقُرْآنُ، كَأَنَّ اللَّهَ ﷿ يَرْفَعُهُ مِنْهُ، وَيَصُونُهُ عَنِ النَّارِ. وَلَسْنَا نَشُكُّ فِي أَنَّ الْقُرْآنَ فِي الْمَصَاحِفِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، لَا عَلَى الْمَجَازِ، كَمَا يَقُولُ أَصْحَابُ الْكَلَامِ: "إِنَّ الَّذِي فِي الْمُصْحَفِ، دَلِيلٌ عَلَى الْقُرْآن وَلَيْسَ بِهِ".
1 / 291