193

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

प्रकाशक

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

संस्करण संख्या

الطبعة الثانية

प्रकाशन वर्ष

1419 अ.ह.

يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ ١ يُرِيد: أَنَّهَا مِثْلُنَا فِي طَلَبِ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ، وَابْتِغَاءِ الرِّزْقِ٢، وَتَوَقِّي الْمَهَالِكِ. وَكَذَلِكَ الْجِنُّ، قَدْ خَاطَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا خَاطَبَنَا، إِذْ يَقُولُ: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ ٣. وَلَوْ أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِقَتْلِ الْكِلَابِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، لَأَفْنَى أُمَّةً، وَقَطَعَ أَثَرَهَا. وَفِي الْكِلَابِ مَنَافِعُ لِلنَّاسِ، فِي حِرَاسَةِ مَنَازِلِهِمْ، وَحِفْظِ نَعَمِهِمْ، وَحَرْثِهِمْ مَعَ الِارْتِفَاقِ بِصَيْدِهَا، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَعْرَابِ وَنَازِلَةِ الْقَفْرِ، لَا غِذَاءَ لَهُمْ وَلَا مَعَاشَ إِلَّا بِهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ ٤ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَهَا لِمَنَافِعِنَا. وَقَدْ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَذْكُرُ أَنَّ رَجُلَيْنِ سَافَرَا، وَمَعَ أَحَدِهِمَا كَلْبٌ لَهُ، فَوَقَعَ عَلَيْهِمَا اللُّصُوصُ، فَقَاتَلَ أَحَدُهُمَا حَتَّى غُلِبَ وَأُخِذَ فَدُفِنَ، وَتُرِكَ رَأْسُهُ بَارِزًا، وَجَاءَتِ الْغِرْبَانُ وَسِبَاعُ الطَّيْرِ، فَحَامَتْ حَوْلَهُ تُرِيدُ أَنْ تَنْهَشَهُ وَتَقْلَعَ عَيْنَيْهِ، وَرَأَى ذَلِكَ كَلْبٌ كَانَ مَعَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَنْبُشُ التُّرَابَ عَنْهُ، حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ، وَمِنْ قَبْلِ ذَلِكَ، قَدْ فَرَّ صَاحِبُهُ وَأَسْلَمَهُ٥. قَالَ: فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الشَّاعِرُ: يُعَرِّدُ عَنْهُ جارُه ورفيقُه ... وَيَنْبُشُ عَنْهُ كلبُه وَهُوَ ضاربُه وَلَيْسَ لِشَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ مِثْلُ مُحَامَاتِهِ عَلَى أَهْلِهِ، وَذَبِّهِ عَنْهُمْ مَعَ الْإِسَاءَةِ إِلَيْهِ، وَالطَّرْدِ وَالضَّرْب.

١ سُورَة الْأَنْعَام: الْآيَة ٣٨. ٢ وَفِي نُسْخَة: وابتغاء الذَّر. ٣ سُورَة الْأَنْعَام: الْآيَة ١٣٠. ٤ سُورَة الْمَائِدَة: الْآيَة ٤. ٥ أسلمه: خذله وَترك نصرته. ٦ يعرد: أَي يهرب.

1 / 207