23

Scenes from the Lives of the Companions

صور من حياة الصحابة

प्रकाशक

دار الأدب الاسلامي

संस्करण संख्या

الأولى

فَهُوَ لَمْ يَقْدَمْ إِلَى مَكَّةَ لِهَذَا الغَرَضِ، وَلَا خَطَرَ لَهُ أَمْرُ مُحَمَّدٍ وَقُرَيْشٍ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى بَالٍ.

وَمِنْ هُنَا كَانَتْ لِلطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرِو الدَّوْسِيِّ مَعَ هَذَا الصِّرَاعِ حِكَايَةٌ لَا تُنْسَى؛ فَلْتَسْتَمِعْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهَا مِنْ غَرَائِبِ القِصَصِ.

***

حَدَّثَ الطُّفَيْلُ قَالَ:

قَدِمْتُ مَكَّةَ، فَمَا إِنْ رَآنِي سَادَةُ قُرَيْشٍ؛ حَتَّى أَقْبَلُوا عَلَيَّ فَرَحَّبُوا بِي أَكْرَمَ تَرْحِيبٍ، وَأَنْزَلُونِي فِيهِمْ أَعَزَّ مَنْزِلٍ.

ثُمَّ اجْتَمَعَ إِلَيَّ سَادَتُهُمْ وَكُبَرَاؤُهُمْ وَقَالُوا: يَا طُفَيْلُ، إِنَّكَ قَدْ قَدِمْتَ بِلَادَنَا، وَهَذَا الرَّجُلُ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ قَدْ أَفْسَدَ أَمْرَنَا وَمَزَّقَ شَمْلَنَا، وَشَتَّتَ جَمَاعَتَنَا، وَنَحْنُ إِنَّمَا نَخْشَى أَنْ يَحِلَّ بِكَ وَبِزَعَامَتِكَ فِي قَوْمِكَ مَا قَدْ حَلَّ بِنَا، فَلَا تُكَلِّمِ الرَّجُلَ، وَلَا تَسْمَعَنَّ مِنْهُ شَيْئًا؛ فَإِنَّ لَهُ قَوْلًا كَالسِّحْرِ: يُفَرِّقُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَأَبِيهِ، وَبَيْنَ الأَخِ وَأَخِيهِ، وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ وَزَوْجِهَا.

قَالَ الطُّفَيْلُ:

فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا بِي يَقُصُّونَ عَلَيَّ مِنْ غَرَائِبِ أَخْبَارِهِ، وَيُخَوِّفُونَنِي عَلَى نَفْسِي وَقَوْمِي بِعَجَائِبِ أَفْعَالِهِ، حَتَّى أَجْمَعْتُ أَمْرِي (١) عَلَى أَلَّا أَقْتَرِبَ مِنْهُ، وَأَلَّا أُكَلِّمَهُ أَوْ أَسْمَعَ مِنْهُ شَيْئًا.

وَلَمَّا غَدَوْتُ إِلَى المَسْجِدِ لِلطَّوَافِ بِالكَعْبَةِ، وَالتُّمَسُّحِ بِأَصْنَامِهَا الَّتِي كُنَّا إِلَيْهَا نَحُجُّ وَإِيَّاهَا نُعَظِّمُ، حَشَوْتُ فِي أُذُنَيَّ قُطْنًا خَوْفًا مِنْ أَنْ يُلَامِسَ سَمْعِي شَيْءٌ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ.

(١) أجمعت أمري: عزمت وصممت.

27