सुकरात: वह आदमी जिसने सवाल करने की हिम्मत की
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
शैलियों
وقد تعلم لاخيس في الواقع الشيء الكثير، وكانت فكرة جديدة عنده أن تتعلق بالشجاعة بأية ناحية سوى الحرب، وأكثر من ذلك جدة أن تكون للشجاعة علاقة بالحكمة، وفي الواقع أن هذه الفكرة - وهي أن المعرفة كالعمل ضرورية للشجاعة الحقة - كانت جد غريبة على لاخيس حتى لقد حيرته كما يبهر الضوء الحبيس عند أول خروجه من الكهف، بيد أنه كان يتجه في تفكيره اتجاها سليما برغم حيرته.
ومشكلة لاخيس التي لا بد أن يلمسها لو أنه واصل الحديث مع سقراط هي أن الشجاعة عنده كانت محصورة في مجال ضيق لمجرد العادة، عرف لاخيس طريقة معينة للسلوك الصحيح في المعركة، ولكنه لم يعرف المبدأ الذي يجعل سلوك المرء صحيحا في جميع الظروف والحالات، هل هذا الضرب من الشجاعة الذي يمنعه من الفرار من المعركة يمكنه من مقاومة الأسباب الأخرى التي تغري المرء بارتكاب الخطأ؟ ما يغري المرء مثلا بالهروب من المتاعب بالكذب الهين اليسير؟ كيف يمكن للتدريب على شجاعة المعركة أن يعين لاخيس على الوقوف في وجه ذلك؟
وكانت أفكار لاخيس محدودة من ناحية أخرى، كما تبين عندما قال: إن الشجاع خير دائما، ومع ذلك زعم أن من الشجاعة أن يقفز في البئر غطاس غير مدرب! إنه لم يفكر في أهمية «الغرض»، وإنما اعتاد أن يفكر في عمل بعينه - التقدم وعدم التقهقر - يعده الشجاعة، والخير في ذاته، بيد أن البئر يمكن أن يثب فيها إما حيوان خائف أو رجل شجاع لكي ينقذ طفلا، والغرض أو السبب (لماذا) في قرار الوثب يجعل الأمر خيرا أو شرا، ويقول سقراط: إنه لا يكفي أن يتقدم المرء، إنما يجب أن تتقدم نحو الخير، والموضوع الأساسي لبحث سقراط كان يندفع إلى قمة النقاش عند هذه النقطة، غير أن سقراط لحظ أن لاخيس قد اكتفى بذلك وتخلى عن الموضوع، وكان سقراط يستطيع أن يرد على لاخيس قائلا: «إن الشجاعة هي المعرفة، هي المعرفة التي تكفي المرء أن يختار الخير وينبذ الشر في «كل» حالة من الحالات»، ولكن ما جدوى لاخيس من ذلك لو خبر به، إنه سوف يصل إلى ذلك بنفسه في يوم من الأيام.
ولم يكن لاخيس سوى أحد الخبراء الذين وجه إليهم السؤال في اختصاصهم، وأية صورة جديدة من صور الخير كانت بالنسبة إلى سقراط كالشهد بالنسبة إلى النحلة.
ومر ذات يوم - وقد عاد حديثا من الجيش - بإحدى مدارس المصارعة، وتجمع حوله الناس يتسقطون أنباء المعركة، ثم ظهر كارميدس في أقصى الغرفة، وهو أكثر الشبان أناقة وشهرة في المدينة في ذلك الحين، ويتناقل عنه الناس أنه جميل في مخبره كما هو جميل في مظهره، طاهر لم يلحقه دنس، وهرع كارميدس للقاء سقراط ، وكان قد نمى إليه أن لدى سقراط علاجا للدوار الذي كان يشكوه، وقبل أن يعرف سقراط ماذا كان يجري جره بشدة إلى بحث في التواضع والسيطرة على النفس.
وعاون ثيتياتوس الشاب، الذي كان يبشر بأنه سيصبح عالما رياضيا عظيما في يوم من الأيام، عاون سقراط على دراسة ما يقصد بالمعرفة، وتساءل سقراط: «هل المعرفة والرؤية والإحساس سواء؟»
وسئل ليسيز ومنكسينس - وهما من زملائه في المدرسة: «ما الصداقة؟ هل هي أن تحب أو أن تحب؟»
أما أوطيفرون - الخبير في شئون الدين - فكان يعبر السوق في طريقه إلى اتهام أبيه الشيخ بالإساءة إلى الآلهة، فالتقى بسقراط وألفاه يتحدث عن التقوى، وأراد سقراط أن يعرف «إن كانت الفعال تعد حقا لأن الآلهة تتطلبها، أم هل تتطلبها الآلهة لأنها حق؟»
وكان هناك قوم آخرون يتساءلون هنا وهناك في أثينا وبخاصة في سني سقراط الأخيرة، وبعضهم ممن استمع إلى سقراط وتعلموا طريقته في السؤال ولكنهم لم يأخذوا عنه الروح والغرض، ومهما يكن من شيء فقد كان ذلك ضربا من ضروب التلاعب يلذ لهم أن يحتذوه، فالمرء يستطيع أن يبرهن بالسؤال على أي أمر تقريبا، لو أنه لم يكترث لتحريف معاني الألفاظ.
فقال السفسطائي ديونيسو دورس - على سبيل المثال - لشاب أثيني، وهما يتحدثان في الملعب: «هل أبرهن لك على أن أباك كلب؟» (وسمع سقراط هذا الحديث وضحك منه، وكان هذا السفسطائي ممن يزعمون التبشير بالخير بطريقة أحسن وأسرع من طريقة أي إنسان آخر على وجه الأرض).
अज्ञात पृष्ठ