सुकरात: वह आदमी जिसने सवाल करने की हिम्मत की
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
शैलियों
ولم يكن سقراط على اتفاق في هذا مع أبيه، بيد أنه لزم الصمت احتراما له، ولم يشترك في الحديث إلا بعد أن أوى سفرونسكس إلى فراشه، واستمر الجدل إلى ساعة متأخرة من الليل، ولم ينته عند حد، وتشبث كل من ديون وفيلينس برأيه في عناد، غير أن سقراط خرج من النقاش وهو أشد إيمانا من أي عهد مضى بأن ديون وإياه كان كلاهما على خطأ.
إن المهم هو الحقيقة كما عرف، إن الحقيقة لا تصيب الآلهة بأذى، إنها تحب الحقيقة، ولكنك إن أردت أن تخفي الحقيقة فهناك خطر آخر، فقد تؤذي أعز ما لديك، وذلك هو نفسك - أيا كانت هذه النفس - وهي أقرب شيء إلى الآلهة، لا شك في أن ديون كان غافلا، وسفرونسكس شيخ حكيم، ولكنه لم يدرك أنه بخنق الحقيقة يؤذي أثينا ولا يعينها.
ولكن ما هي الحقيقة؟ هل كان فيلينس على صواب حينما قال بأن «الأسباب الطبيعية» تفعل كل شيء؟ لا شك في أن فيما زعم صدى للصدق، وبرغم ذلك فإن به شيئا لم يقتنع به سقراط، وأوى إلى فراشه متعجبا.
وفي اليوم التالي فاز ديوبيثس بموافقة المجلس على مشروع قانونه كما توقع الناس جميعا، وسيق أنكسجوراس إلى المحاكمة بناء على ذلك وتهمته الكفر بالآلهة، وعقوبته المنتظرة هي الموت، وشغلت هذه القضية حديث الناس جميعا في أثينا عدة أيام ، ومن حسن حظ ضمائر أهل المدينة أن العالم لم يعدم، فقد أبعده بركليز عن المدينة، ولما عاد أنكسجوراس إلى آسيا الصغرى؛ وجد له حاميا آخر في مدينة لمباسكي، وهنا تابع دراساته حتى نهاية حياته.
وافتقد بركليز وصحبه أنكسجوراس، ولما صدر كتابه في العلوم الطبيعية لقي رواجا كبيرا، بيد أنه قد تبين أن آراءه عن الشمس والقمر لم تكن جديدة كل الجدة أو مما يدعو البتة إلى الدهشة والذهول، وظهر فيما بعد غيره من الرجال ممن يفضلونه في علم الفلك وتابعوا جهوده وصححوا أخطاءه، وربما كان أطفال لمباسكي من بين الناس جميعا خير من ذكره وأطال الاحتفاظ بذكراه، فقد طلب لهم عطلة مدرسية سنوية يوم مماته.
الفصل السادس
اكتشاف
وكذلك لم يغب أنكسجوراس عن ذكر سقراط الذي لم يعرفه قط تمام المعرفة، فإن الرجل الذي يستطيع أن يقول: إنه لم يولد للمتعة أو الشهرة، وإنما ولد لدراسة الشمس والقمر والسموات لا بد أن يكون لديه شيء من العظمة، وليس من شك في أن المعرفة كانت لها أهميتها القصوى كما ذكر صانع الفخار العجوز ذات مرة، ولكي تعرف لا بد أن تدرس، ولا يكفي أن تتعجب؛ ولذا فقد انغمس سقراط في حماسة شديدة في دراسة ما كان يتناقله الحكماء عن صورة العالم، وكان بالأرض والشمس والسماء أقل اهتماما منه بالناس، ولكن إن كانت للأشياء صور، فقد كانت بالتأكيد لها جميعا صورة واحدة، ولو عرف القوانين التي جعلت من الدنيا ما هي عليه؛ لاستطاع أن يأمل في تفسير الرجال والنساء كذلك.
ومن ثم أقبل على الدرس سقراط، استمع إلى حديث العلماء الذين تجمعوا في غرفة الملابس في الملاعب، أو ساروا بين الأعمدة، ومن بينهم تلميذ لأنكسجوراس يدعى أركيلوس، أطلق عليه فيما بعد اسم أستاذه، وآخرون من أمثال سمياس وسيبيز، من الأجانب الذين تشبعوا بنظريات العالم الرياضي فيثاغورس، أصبحوا أصدقاء له حميمين.
ولما كان لسقراط ذهن خاطف وعقل متطلع وذاكرة قوية، فسرعان ما عرف هو نفسه بالحكمة، وبات من المقرر أن يلتقي بأي عالم يهبط إلى المدينة ، ولما كان من دلائل التقدم أن تكون هذه الأمور مما يهتم به المرء، فقد كان سقراط يدعى لحفلات العشاء في بيوت لا ترحب بأكثر من يعملون بأيديهم، بيد أن هذا لم يغير من سقراط شيئا، كان يهمه أن يتعرف إلى كل قادم جديد يلاقيه، وكان يهتم بمعرفة الناس أجمعين، غير أنه كان يقيسهم بأفكارهم لا بأكياسهم، أو كان لا يقدرهم البتة أي قدر، فإن ما وجده لديهم من علم أو مهارة لا يمكن أن يقاس إلى الحكمة التي كان يبحث عنها، كان يبحث عن حكمة تفسر له السبب في وجود الأشياء كما هي، كما أن معرفة صانع الفخار الخبير بنموذج الجرة يفسر له شكل كل جرة يقوم بصنعها.
अज्ञात पृष्ठ