सुन्ना
السنة
संपादक
د. عطية الزهراني
प्रकाशक
دار الراية
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤١٠هـ - ١٩٨٩م
प्रकाशक स्थान
الرياض
٢٦٨ - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩] قَالَ: يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ " وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ ﵎ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، وَمَنْ رَدَّ عَلَى مُجَاهِدٍ مَا قَالَهُ مِنْ قُعُودِ مُحَمَّدٍ ﷺ عَلَى الْعَرْشِ وَغَيْرَهُ، فَقَدْ كَذَبَ، وَلَا أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا التِّرْمِذِيَّ الَّذِي يُنْكِرُ حَدِيثَ مُجَاهِدٍ قَطُّ فِي حَدِيثٍ وَلَا غَيْرِ حَدِيثٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: أَرَى أَنْ يُجَانَبَ كُلُّ مَنْ رَدَّ حَدِيثَ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ "، وَيُحَذَّرُ عَنْهُ، حَتَّى يُرَاجِعَ الْحَقَّ، مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَدًا يُذَكِّرُ بِالسُّنَّةِ يَتَكَلَّمُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا إِنَّا عَلِمْنَا أَنَّ الْجَهْمِيَّةَ تُنْكِرُهُ مِنْ جِهَةِ إِثْبَاتِ الْعَرْشِ، فَإِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ أَمْرَ الْعَرْشِ، وَيَقُولُونَ: الْعَرْشُ عَظَمَةٌ، مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يُنْكِرُوا مِنْهُ فَضِيلَةَ النَّبِيِّ ﷺ، وَأَنَّ هَذَا التِّرْمِذِيَّ رَجُلٌ لَا أَعْرِفُهُ وَرَأَيْتُ مَنْ عِنْدِي مِنْ أَصْحَابِنَا، يَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ فِي الطَّلَبِ، وَلَا عَرَفْتُهُ أَنَا، وَمُجَاهِدٌ كَانَتْ لَهُ جَلَالَةٌ عِنْدَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، يَأْخُذُ لَهُ بِالرِّكَابِ، أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا، وَعَلَيْكُمْ بِلُزُومِ السُّنَّةِ، وَالِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِ، بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ﵁، فَإِنَّهُ أَوْضَحَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمُحْدَثَاتِ مَا هُوَ كِفَايَةٌ لِمَنِ اقْتَدَى بِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ: كُلُّ مَنْ ظَنَّ أَوْ تَوَهَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَسْتَوْجِبْ مِنَ اللَّهِ ﷿ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ فِي حَدِيثِ مُجَاهِدٍ فَهُوَ عِنْدَنَا جَهْمِيُّ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمُصِيبَةَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَذْكُرَ أَحَدٌ النَّبِيَّ ﷺ، وَلَا يَقْدُمُوا عَلَيْهِ بِأَجْمَعِهِمْ، وَلَوْلَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الْمَرُّوذِيَّ ﵀ اجْتَهَدَ فِي هَذَا لَخِفْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِنَا وَبِمَنْ يَقْصُرُ عَنْ هَذَا الضَّالِّ الْمُضِلِّ عُقُوبَةٌ، فَإِنَّهُ مِنْ شَرِّ الْجَهْمِيَّةِ مَا يُبَالِي مَا تَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: لَيْسَ هَذَا عَرْشَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، إِنَّمَا هُوَ مِثْلُ عَرْشِ بِلْقِيسَ، وَعَرْشٌ مِنَ الْعُرُوشِ شَبَّهَ عَرْشَ الْآدَمَيِّينَ بِعَرْشِ الرَّحْمَنِ ﷿، لَا يَرْعَوِي عَنْ دَفْعِ فَضِيلَةِ النَّبِيِّ ﷺ، فَكَيْفَ بِمَنْ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ، لَا شَكَّ فِي تَجَهُّمِهِ، وَلَا نَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الدُّعَاءِ وَالتَّحْذِيرِ وَتَبْيِينِ أَمْرِهِ، وَنُعَادِي مَنْ يَنْصُرُهُ، أَوْ يَمِيلُ إِلَى مَنْ يَنْصُرُهُ بِتَكْفِيرِ مُجَاهِدٍ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِ مُجَاهِدٍ فِي ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩] فَإِنَّهُ يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ، فَقَالَ: هَذَا كُفْرٌ، وَمَنْ قَالَ: بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ هَارُونُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ: مَنْ رَدَّ حَدِيثَ مُجَاهِدٍ فَهُوَ عِنْدِي جَهْمِيُّ، وَمَنْ رَدَّ فَضْلَ النَّبِيِّ ﷺ فَهُوَ عِنْدِي زِنْدِيقٌ لَا يُسْتَتَابُ، وَيُقْتَلُ، لِأَنَّ اللَّهَ ﷿ قَدْ فَضَّلَهُ ﷺ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ ﵈، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ اللَّهِ ﷿، قَالَ: «لَا أُذْكَرُ إِلَّا ذُكِرْتَ مَعِي» وَيُرْوَى فِي قَوْلِهِ ﴿لَعَمْرُكَ﴾ [الحجر: ٧٢] قَالَ: بِحَيَاتِكَ، وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، لَوْلَاكَ مَا خَلَقْتُ آدَمَ»، فَاحْذَرُوا مِنْ رَدِّ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ، وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُنْكِرُ أَنَّ اللَّهَ ﷿ يَنْزِلُ، فَمَنْ رَدَّ هَذَا وَحَدِيثَ مُجَاهِدٍ فَلَا يُكَلَّمُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ: أَنَّ هَذَا الْمَعْرُوفَ بِالتِّرْمِذِيِّ عِنْدَنَا مُبْتَدَعٌ جَهْمِيُّ، وَمَنْ رَدَّ حَدِيثَ مُجَاهِدٍ، فَقَدْ دَفَعَ فَضْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَمَنْ رَدَّ فَضِيلَةَ الرَّسُولِ ﷺ فَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ مُرْتَدٌّ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ كَانَ وَرَدَ عَلَيَّ كِتَابٌ مِنْهُ فِيهِ: أَنَّ الْعَرْشَ سَرِيرٌ مِثْلُ عَرْشِ بِلْقِيسَ، وَعَرْشِ سَبَأٍ، وَعَرْشِ يُوسُفَ، وَعَرْشِ إِبْلِيسَ، فَأَنْكَرْتُ هَذَا وَغَيْرَهُ مِنْ قَوْلِهِ، وَأَنْكَرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِسْلَامِ إِنْكَارًا شَدِيدًا، وَالَّذِي نَدِينُ للَّهِ ﷿ بِهِ حَدِيثُ مُجَاهِدٍ: يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ، فَمَنْ رَدَّ هَذَا فَهُوَ عِنْدَنَا جَهْمِيُّ كَافِرٌ، وَبَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ: الْهَاشِمِيُّونَ مَعِي عَلَى مِثْلِ قَوْلِي، وَكَذَبَ، أَخْزَاهُ اللَّهُ، مَا هَاشِمِيُّ يَدْفَعُ فَضِيلَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ كَانَ ذَلِكَ فَخْرَةٌ لَهُ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الْهَاشِمِيِّينَ فَيَجِبُ التَّفْتِيشُ عَنْهُ وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِهِ، وَلَا أَعْرِفُهُ، وَلَا رَأَيْتُهُ قَطُّ مِنْ حَيْثُ أَعْرِفُهُ، وَلَقَدْ كَانَ عِنْدَ صَالِحِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيِّ ﵁ بِالْمَدِينَةِ، فَقَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ، ثُمَّ إِنَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ الْعَدَاءُ لِلَّهِ عَلَى مَا حَبَسَهُ عَلَيْهِ، وَأَطَالَ حَبْسَهُ مِنْ دَفْعِهِ هَذَا الْحَدِيثَ وَغَيْرَهُ، مِمَّا أَطْلَقَ بِهِ لِسَانَهُ، وَوَضَعَ فِيهِ الْكُتُبَ، وَذَكَرَ أَنَّ بَيْعَةَ أَبِي مُسْلِمٍ أَصَحُّ مِنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵁، وَوَضَعَ لِآلِ أَبِي طَالِبٍ كِتَابًا يَذْكُرُ فِيهِ أَنَّ الْعَلَوِيَّةَ أَحَقُّ بِالدَّوْلَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، يَتَقَرَّبُ بِذَلِكَ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ أَرَادَ صَالِحُ بْنُ عَلِيٍّ ﵁ حِينَ حَبَسَهُ أَرَادَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ ابْنِي فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَسَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ عَلِيٍّ يَذْكُرُ ذَلِكَ كُلَّهُ عَنْهُ وَيَضَعُهُ، فَيَنْبَغِي لِسَامِعِ ذِكْرِهِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَيُحَذِّرَ عَنْهُ النَّاسَ، وَيَتَبَيَّنُ عَلَيْهِ مَا هُوَ فِيهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْفَارِسِيُّ الزَّاهِدُ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَلَا فِي الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ، وَلَا فِي الْعُلَمَاءِ الْمُتَفَقِّهِينَ، وَلَا فِي الْعَارِفِينَ الْعَابِدِينَ، وَلَا فِي الضُّلَّالِ الْمُبْتَدِعِينَ أَحَدٌ يَسْتَحِلُّ فِي عَقْدِ دِيَانَتِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ الطَّعْنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَرَدَّ فَضِيلَةً فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهَا، وَخَصَّهُ بِهَا، كَمَا خُصَّ بِالزِّيَارَةِ إِلَيْهِ حَيًّا قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَنَادَى بِذَلِكَ فِي أَسْمَاعِ الْخَلَائِقِ، فَقَالَ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ [الإسراء: ١] ثُمَّ سَارَ بِهِ الْمَلَكُ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى مُنْتَهَى مُنْقَطِعِ عِلْمِ أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَقَالَ: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾ [النجم: ١٤] فَانْتَهَى الْعِلْمُ إِلَيْهِمَا مِنْ قِبَلِ الْمَلَائِكَةِ خَاصَّةً دُونَ وَلَدِ آدَمَ ﵇؛ لِأَنَّ بَنِي آدَمَ قَدْ شَغَلَهُمُ اللَّهُ ﷿ بِأَنْفُسِهِمْ عَنِ النَّظَرِ فِي مَلَكُوتِ الْأَعْلَى، فَقَالَ: ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات: ٢١]
1 / 233