ذِكْرُ الْوَجْهِ الثَّانِي مِنَ السُّنَنِ الَّتِي اخْتَلَفُوا فِيهَا أَهِيَ نَاسِخَةٌ لِبَعْضِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ أَمْ هِيَ مُبَيِّنَةٌ عَنْ خُصُوصِهَا وَعُمُومِهَا؟
٢٤٢ - اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي السُّنَّةِ هَلْ تَنْسَخُ الْكِتَابَ أَمْ لَا؟ فَقَالَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: لَا تَنْسَخُ السُّنَّةُ الْكِتَابَ، وَلَا يَنْسَخُ الْكِتَابُ إِلَّا الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ تُتَرْجِمُ الْكِتَابَ وَتُفَسِّرُ مُجْمَلَهُ، وَتُبَيِّنُ عَنْ خُصُوصِهِ، وَعُمُومِهِ وَتَزَيدُ فِي الْفَرَائِضِ وَالْأَحْكَامِ، وَلَا تَنْسَخُ الْكِتَابَ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ ﵎: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦] وَبِقَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ﴾ [النحل: ١٠١] وَبِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ [يونس: ١٥]، فَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: جَائِزٌ أَنْ تَنْسَخَ السُّنَّةُ الْكِتَابَ وَذَلِكَ أَنْ يَحْكُمَ اللَّهُ ﵎ فِي كِتَابِهِ بِحُكْمٍ، ثُمَّ يُوحِي إِلَى نَبِيِّهِ ﷺ أَنَّهُ قَدْ نَسَخَ ذَلِكَ الْحُكْمَ، وَيَأْمُرُ بِخِلَافِهِ، فَيَأْمُرُ بِذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ النَّاسَ، وَلَا يَنْزِلُ بِهِ قُرْآنًا يُتْلَى، فَعَلَى النَّاسِ تَصْدِيقُ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَبُولُ ذَلِكَ عَنْهُ وَأَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَنْسَخْ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ إِلَّا بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا ⦗٧٠⦘ يُتْلَى لِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٢] وَلِقولِهِ: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ [الأنعام: ٥٠] فَمِنَ الْوَحْيِ مَا هُوَ قُرْآنٌ، وَمِنْهُ مَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا﴾ [البقرة: ١٠٦] وَلَمْ يَقُلْ نَأْتِ بِآيَةٍ خَيْرٍ مِنْهَا، وَلَا بِقُرْآنٍ خَيْرٍ مِنْهَا
1 / 69