وكنت مع أصحابي شن ويو ويانج نعيش معا في هونج كونج ولا نكف عن حديث الثورة، وتشبثت أفكارنا بموضوعات الثورة في الصين، فعكفنا على قراءة تواريخ الثورات وأصبحنا ولا سرور لنا في غير التحدث بهذه الموضوعات. ومضت سنوات عرفنا خلالها بين أصحابها باسم الأوغاد الكبار المتلازمين، وكانت بالنسبة إلي فترة مباحثة وتدريب.
وحصرت عنايتي بعد التخرج من المدرسة بمكانين هما أموي ويانج شن لمزاولة الطب ظاهرا ونشر الدعوة الثورية في الواقع، وكان شن شي ليانج في الوقت نفسه يجمع الأعضاء للحزب، ثم خرجت أنا ولوكو تنج إلى الشمال قاصدين بكين وتينتسن لنروز قوة الأسرة المالكة، ثم قصدنا إلى وشانج كي نتفقد الأحوال هناك.
وسنحت لنا فرصة حسنة سنة 1894 فقصدنا إلى الفيليبين لتأسيس جماعة تجديد الصين على أمل الارتباط بالجالية الصينية، ونلقى المساعدة منها، وغاب عنا أن الوقت لم ينضج للثورة فلم تسفر دعوتنا في الفيليبين إلا عن عشرة استجابوا لها بعاطفتهم لم يقبل منهم غير اثنين أخوين أن يضطلعا بشيء من التضحية في سبيل القضية العامة.
حدث هذا والجيوش الإمبراطورية تنهزم في معركة بعد أخرى، وهيبة المانشو تتضاءل بعد ضياع كورية ولا يخامرنا الشك في انحلال أسرة المانشو وتداعيها، وقد كتب إلينا زميلنا بشنغهاي سن يويه لو يلح علينا وجوب العودة، فعدت أنا وتن ين نان وثلاثة من الزعماء إلى موطننا على نية تنظيم الثورة بكانتون والاستيلاء عليها.
وكانت جماعتنا في هونج كونج وفرع منها في يانج شن، وكان في الجماعة تن ين يان ويانج تسوي ين وهون ين شان وشن شاوبو وآخرون يدأبون على التحريض، وكان لوكو تنج وشن شي ليانج في فرع يان شي مدربين من أمريكا وبعض القادة، وجعلت أنا أتردد بين كانتون وهونج كونج، وكانت مهمتنا وقتئذ محدودة واضحة الخطوط والاستعداد تجري على قدم وساق، وقد اجتمعت لنا قوة لا بأس بها وفي استطاعتها بضربة واحدة أن تحدث حدثا ذا بال.
إلا أن السلطات، في ذلك الوقت، كانت قد علمت بأمر تهريب السلاح إلى الداخل (خمسمائة مسدس) وقضت على عضو من أمثل زملائنا بالموت وهو لوكو تنج، فكان ذلك أول ضحية لنا على مذبح الثورة الصينية، وحدث في الوقت نفسه ضبط تسي هسي وشو جوي والقضاء عليهما بالموت، وضبط نحو سبعين آخرين من بينهم الأميرال سن كوي جوان.
وحلت بنا أول هزيمة ثورية في اعتقادي تاسع سبتمبر سنة 1895، وكنت لا أزال بكانتون بعد هذه الهزيمة بثلاثة أيام، ولكني اضطررت إلى اللياذ بهونج كونج بعدها بعشرة أيام من الطرق الجانبية، ثم برحتها إلى اليابان مع زملائي شن شي ليانج وشن شاربو قاصدين النزول بمدينة يكهاما، وقصصت ضفيرتي واتخذت الملابس الأوروبية؛ لأن موعد عودتنا إلى الصين غير معروف، ثم برحت اليابان إلى الفيليبين وقفل زميلي شن شي ليانج إلى الصين كي يعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل هزيمتنا، وبقي شن شاو بو باليابان لدرس الأحوال السياسية، وكنت قد اتصلت يومئذ بسوني وميازاكي من الجمعية اليابانية، فكان هذا بدء الاتصال بين الثوريين الصينيين واليابانيين.
وأخذت بعد وصولي إلى الفيليبين أضم الزملاء إلى حركة تجديد الصين ... ولكن زملاءنا أنفسهم لم يكتموا يأسهم بعدما حل بنا من الهزيمة، وتنكر غيرهم لمبادئنا، وأعوزتنا العوامل التي تساعد على تطور النزعة الثورية فتراخى العمل فيها بعض حين، ولم أجد من البواعث ما يستبقيني بالفيليبين، فاعتزمت السفر إلى أمريكا لربط العلاقات بيننا وبين المهاجرين من أبناء وطننا هناك.
وصادفني في أمريكا جو أمعن في الهجوم من جو الفيليبين، وقطعت القارة من سان فرنسسكو إلى نيويورك، وتريثت أياما خلال الطريق لا تزيد في مكان على عشرة أيام، وطفقت حيث نزلت أنادي بإسقاط أسرة المانشو لإنقاذ الصين من الدمار، وأهيب بكل صيني أن يسهم في بناء وطنه على أساس ديمقراطي جديد.
ولم يكن مقامي بأمريكا ذا بال في تقدم الثورة الصينية، ولكنه على هذا أثار الخوف والتوجس عند الحكومة الإمبراطورية، فما وضعت قدمي بلندن حتى الفيتني في براثن السفارة الصينية، ولم ينقذني من خطر الموت غير أستاذي الدكتور جيمس جنتلي.
अज्ञात पृष्ठ