============================================================
له على الزهد فى الخلافة والنبذ لها ؛ أنه سمع يوما جاريين له تتلاحيان(1) وكانت إحداهما بارعة الجمال ، فقالت الأخرى : لقد اكسبى جمالك كبر الملوك فقالت لها الحسناء : وأى ملك يضاهى ملك الحسن وهو قاض على الملولى، فهو الملك حقا؟.
فقالت لها الأخرى : وأى خير فى الملك وصاحبه إماقائم بحقوقه وعامل بالشكر فيه، فذلك مسلوب اللذة والقرار، منغص العيش، ولما منقاد لشهواته موتر للذاته، مضيع للحقوق، مضرب عن الشكر، فمصيره إلى النار؟
فوقعت الكلمة من نفس معاوية موقعا مؤثرا، وحملته على الانخلاع عن الإمرة روضة رانقة ورياضة فائقة قيل : كان عدى بن زيد العبادى التميمى(1)، قد دخل بلاد للروم رسولا لملك الفرس، فاقبس من علومهم ، وقرا الكتب ، وكان ذا مكانة من ملك الفرس وكاتبا ال وترجمانا ، وكان البوه زيد واليا على الحيرة(1)، وخليفة المنذر بن ماء السماء(2) ، فكان عدى بن زيد عند ملوك الحيرة من لخم(5)؛ لأجل ما ذكرناه فى أعلى المراتب.
قالوا : حضر يوما عند النعمان بن اهرىء القيس بن عدى ملك الحيرة وهو بالخورنق، والخورنق قصر قد قدمنا ذكره، فأشرف النعمان على ما حول الخورنق وذلك فى فصل الربيع، فتأمل مليا، ثم أقبل على عدى بن زيد، (1) أى تتشاتمان وتتلاومان : 2) عدى بن زيد العبادى : ابن الحمار التميمى النصرانى ، جاهلى، من فحول الشعراء، وهو أحد الفحول الأربعة الذين هم : هو وطرفة بن العبد وعبيد بن الأبرص وعلقمة بن عبدة . وقال الحافظ الذهبى : ذكرته للتمييز . سير أعلام النبلاء (672) (2) الحيرة : مدينة كانت على ثلثة أميال من الكوفة على موضع يقال له النجف وبالحيرة الخورنق بقرب منها، وكاتت مسكن ملوك العرب فى الجاهلية من زمن نضر ثم من لخم النعمان وآبائه . معجم البلدان (4039) 4)ر بن ماء السماء : هو ابن امرى القي بن النعمان ، وماء السماء هى أمه، وكانت مى مارية . وهو من ملوك اليمن ، ودعى ذو القرنين . مفاتيح العلوم (29).
5) لحم : قبيلة عربية تحطانية، سكنت شمال شرق الجزيرة العربية ، وهى أساس دولة المناذرة الثين استوضوا الحيرة . معجم البلدان (140/3)
पृष्ठ 136