315

अल-सुलूक फ़ी तबक़ात अल-उलमा व-अल-मुलुक

السلوك في طبقات العلماء والملوك

अन्वेषक

محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي

संस्करण संख्या

الثانية

بلاغة تشهد عذوبة مطبوعها بكرم ينبوعها وألفاظا تدل مَعَانِيهَا على فضل مغانيها
وَأما شرِيف همته وعظيم نزاهته فَإِنَّهُ لما تزوج ابْنة الشريف أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْعمريّ حمل إِلَيْهِ أهل عدن أَشْيَاء على اخْتِلَاف طبقاتهم يسمونه الطرح وَذَلِكَ عَادَة جَارِيَة لَهُم فَلَمَّا اجْتمع ذَلِك بداره عرض عَلَيْهِ فَأَعَادَ كل شَيْء إِلَى أَهله مَعَ زِيَادَة وشكر ثمَّ لما بلغ ذَلِك الشَّيْخ بِلَال والداعي مُحَمَّد بن سبأ استحسنا ذَلِك مِنْهُ وشكراه ودفعا إِلَيْهِ مثل الَّذِي رده وَله أشعار هِيَ أرق من النسيم وَأحلى من التسنيم مِنْهُ مَا يَكْتُبهُ أَعْيَان النَّاس فِي دُورهمْ وقصورهم فِي الْغَالِب وَهُوَ لما أمره الدَّاعِي مُحَمَّد بن سبأ أَن ينظم أبياتا ليكتبها فِي المنظر بعدن ... دَار تعظم بالمعظم شَأْنهَا ... وازداد عزا بالمكين مَكَانهَا ... وَهِي من جملَة أَبْيَات كَثِيرَة تركتهَا لشهرتها وامتحن فِي آخر عمره بكفاف بَصَره
قَالَ عمَارَة فحين بَلغنِي ذَلِك علمت أَن الزَّمَان قد سلب بصيرته حِين سلب بَصَره وَأَن الْأَيَّام طمست بذلك منهاج جمَالهَا وَأَطْفَأت سراج كمالها فَلَمَّا صَار مكفوف الْبَصَر أَحْيَاهُ الله بثمرة الْخَيْر الَّذِي كَانَ يغرسه وحرسه نَاظر الْإِحْسَان الَّذِي كَانَ يرعاه ويحرسه فتضاعفت عِنْد أهل الدولة وجاهته وتزايدت عِنْدهم رفعته ونباهته وَأَرَادَ الزَّمن أَن يخفضه فرفعه وَأَن يضرّهُ فنفعه وَمَا أحسن قَول عبد الله بن مُحَمَّد بن مَرْزُوق فِي مدحه لَهُ وَقد كف بَصَره ... يَا مدره الْيمن الَّذِي بمقاله ... بَين الورى قلم الزَّمَان خَطِيبًا
فغدا قدامَة ثمَّ غير مقدم ... وفصيح وَائِل بالمقال معيبا
يَا يوسفا علما وَحفظ أَمَانَة ... اعذر عَليّ بِأَن ترى يعقوبا ... وَحصل عَلَيْهِ الْعَمى فِي أَيَّام الدَّاعِي عمرَان بن الدَّاعِي مُحَمَّد بن سبأ الْآتِي ذكره فِي الْمُلُوك إِن شَاءَ الله تَعَالَى فتعب عَلَيْهِ أَشد تَعب وآلمه أَشد ألم وَكَانَ لَهُ فِيهِ مدائح قل أَن تسمح القرائح بِمِثْلِهَا مِنْهَا القصيدة الكافية الَّتِي أَولهَا ... حياك يَا عدن الحيا حياك ... وَجرى رضاب لماه فَوق لماك ...

1 / 373