सुल्तान मुहम्मद फतेह
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
शैलियों
وبعد ذلك ما كانت دول أوروبا تستطيع أن توحد صفوفها، وما كانت تستطيع أيضا أن تبعث بنجدة قوية في الوقت المناسب لبعد المسافة وسوء وسائل المواصلات في ذلك الوقت، لا سيما وأنه قد ظهر لها أن ذلك الاتفاق وتوحيد الصفوف لو تم ما هو بمستطيع قهر الأتراك أو التغلب عليهم، فقد سبق أن دمر الأتراك قوة هذه الاتفاقات تدميرا ذريعا في أكثر من موقف، وما ذكريات نيقوبوليس الحزينة ببعيدة عن أذهان الأوروبيين، لقد دافع الأتراك عن مركزهم بنجاح أذهل ملوك أوروبا وشعوبها، وكانت نتيجة هذه الموقعة محزنة للمسيحيين بدرجة لم يعد معها من السهل استثارة الأوروبيين من جديد لحرب مع المسيحيين.
ثم إن مثل هذه الحملات كانت تستلزم جمع المال الوفير للاستعداد للحرب ولتحرير أسراها بعد الحرب، ولم يعد الأوروبيون يطمئنون بسهولة إلى إنفاق أموالهم في حملات غير مضمونة النتائج ولا مأمونة العواقب.
كانت موقعة نيقوبوليس - كما يقول مؤرخها الدكتور عزيز سوريال عطية - انتهاء الحملات الصليبية كحركات مسيحية منظمة ضد الأتراك العثمانيين؛ ولذا تعتبر هذه الموقعة فاصلة في مصير الدولة البيزنطية وفي مصير عاصمتها مدينة القسطنطينية.
ولكنه بالرغم من ذلك لم تكن البابوية زعيمة المسيحية لتنصرف إلى البأس أو تخلد إلى السكون؛ فهي ما كانت تسمح بقضاء المسلمين على الإمبراطورية البيزنطية مهما كانت كارهة لأرثوذكسيتها، فهي تخشى اعتداء العثمانيين على البلاد المجاورة لهم والتي تخضع للنفوذ البابوي الديني فتحولت الفكرة الصليبية إذن من محاولة انتزاع الأراضي المقدسة من المسلمين إلى صراع دفاعي، الغرض منه إنقاذ أوروبا الكاثوليكية من الأتراك. لقد كان القيام بالحروب الصليبية سياسة البابوية الخارجية.
ولذا حاول البابا بيوس الثاني بكل ما أوتي من مقدرة خطابية ومهارة سياسية تأييد الفكرة الصليبية الجديدة، وحاول توحيد أوروبا ضد الأتراك، وتركزت مجهوداته في ناحيتين: حاول أولا أن يقنع الأتراك باعتناق الدين المسيحي، ولم يقم بإرسال بعثات تبشيرية لذلك الغرض وإنما اقتصر على إرسال خطاب إلى السلطان الفاتح يطلب منه أن يعضد المسيحية كما عضدها من قبله قسطنطين وكلوفيس، وأن يكفر عن خطاياه باعتناق المسيح له مخلصا. ولم يكن معقولا نجاح مثل هذه المحاولة.
ولما فشل البابا في خطته هذه لجأ إلى الخطة الثانية؛ خطة التهديد والوعيد واستعمال القوة، وذلك عن طريق إقناع الدول المسيحية بتكوين حملة صليبية جديدة ضد الأتراك، حملة برية وبحرية تبين للأتراك تماسك أوروبا وتضافرها على الأخذ بناصر المسيحية.
ولكن الدول الأوروبية والجمهوريات الإيطالية ما كانت لتقوم بتنفيذ مثل هذا المشروع بالرغم من الخطر الذي يهدد معظمها، وبالرغم من أن فكرة القيام بحرب صليبية لا زالت مثلا من المثل العليا الأوروبية. لقد وعدت بعض الدول فعلا بالاستعداد لتحقيق فكرة البابا، ولكن لما جاء وقت الجد اعتذرت دول أوروبا بمتاعبها الداخلية ومشاغلها. لقد أنهكت حرب المائة سنة إنجلترا وفرنسا، وفوق ذلك فإنجلترا منهمكة في مشاغلها الدستورية وحروبها الأهلية، ولم تكن حالة فرنسا الداخلية تسمح لها بإشعال نار حرب مع الأتراك، فلقد أضعفتها المنازعات الداخلية. وأما إسبانيا فهي لا تزال تناضل في سبيل وحدتها القومية ضد المسلمين. وعلى أي حال كانت الفكرة العالمية المسيحية آخذة في الزوال، فكرة إمبراطورية مسيحية عامة، وأخذت تحل محلها بالتدريج فكرة القومية.
وأما الجمهوريات الإيطالية فكانت تهتم بتوطيد علاقاتها مع الأتراك أكثر من اهتمامها بالدخول معهم في حرب صليبية، وأخذت صحة البابا في الاضمحلال، وسرعان ما مات وانتهى مشروع الحملة الصليبية بموت صاحبها، وترك للمجر وللبندقية منفردين مهمة وقف الأتراك والدفاع عن حدود المسيحية.
وكيف تستطيع أوروبا إنقاذ القسطنطينية والحرب فيها مستعرة بين شعب وشعب، بين بابا رومة وبابا أفينيون، وبين مجمع ديني ومجمع ديني آخر. لقد اتفقت الملكيات الأوروبية والجمهوريات الإيطالية في لودي على الاتحاد ضد الأتراك في سنة 1454م، ولكن ذلك الاتفاق لم يقف أمام تجارب الزمن؛ فلقد انفصلت البندقية عن الاتحاد وعقدت معاهدة صداقة مع الأتراك وحسن جوار رعاية لمصالحها في الشرق الأدنى، وقامت الحرب على قدم وساق في شبه جزيرة إيطاليا، واهتم الكاثوليك باضطهاد أتباع يوحنا هوس أكثر من اهتمامهم بمحاربة الأتراك المسلمين. •••
كان سقوط القسطنطينية يمثل انتهاء حقبة من الدهر؛ فلقد قضى على الدولة البيزنطية التي عاشت حول أحد عشر قرنا من الزمان، وأزال منافسا خطيرا للدولة الرومانية المقدسة في الغرب، وقضى على حضارة بيزنطة المسيحية وعلى المثل والمبادئ التي كانت رمزا لها.
अज्ञात पृष्ठ