सुल्तान मुहम्मद फतेह
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
शैलियों
واستمرت المدافع العثمانية في ضرب المدينة البائسة دون هوادة أو توقف، وبشدة وعنف لا مثيل لهما في ذلك الوقت، فجرح جون جوستينياني الجنوي زعيم المدافعين وبطلهم الغير مدافع، واضطر سكان العاصمة المسيحية إلى نقله إلى داخل المدينة، ولكنه رجع ثاني يوم ليعاود القتال. وفي أثناء ذلك أضاء المعسكر العثماني كما كان يضاء كل ليلة بآلاف المشاعل التي تحول الظلام نورا باهرا يأخذ بالأبصار، وكانت الجنود العثمانية قد جمعوا كل المواد اللازمة للصراع المقبل وللهجوم ولتسلق الجدران. وتعالت الأصوات للحي القيوم تنادي «الله أكبر الله أكبر»، وتنطق بالشهادتين وتلعن المسيحيين وتنذر بالويل والثبور. وضربت الطبول ونفخت الأبواق والمزامير، وحدث الجنود أنفسهم بالغنائم الهائلة العديمة النظير التي سيستحوذون عليها.
وبجانب هذا الحشد الهائل والأنوار الباهرة والطبل والزمر والتكبير بدت المدينة الحزينة المتألمة تترقب نهاية مفزعة، تنتظر الفناء وتدعو الله أن ينقذها من العذاب الأليم، ومن ذلك الخطر لعظيم الذي لم تعرف مثله.
ثم أطفئت أنوار المعسكر الإسلامي فجأة وعم الظلام، ولم يبق أمام المحاصرين سوى البكاء والتوسل إلى الله وطلب رحمته، وجمعت الأيقونات، وطلب توسطها هي والقديسين لدى مريم العذراء أن تنقذ المدينة من العذاب الذي أحاط بها سرادقه، ولكن ضرب المدينة كان مستمرا بدرجة ظن معها المحاصرون مجيء يوم القيامة.
وأمر السلطان أن يتعاون الأسطول مع الجيوش البرية فيقرب من البر ويهاجم الأسوار على ضفة القرن الذهبي؛ وبذا يشغل عددا كبيرا من المحاصرين في هذا الجانب.
وقام السلطان بتفتيش الجيش واستعداداته بدقة وعناية كبيرتين فهو من الشخصيات القيمة التي تظهر قوتها في المواقف الجليلة الحاسمة، وهي التي تستطيع خلق الثقة في النفوس وحفز العزائم، والعبقرية هي التي تستطيع الاستفادة من التجارب السابقة وتحيط بالمواقف دراسة وتعرف مواضع النقص فتعالجها.
في هذا اليوم نظم محمد الثاني جيوشه على نسق نادر المثال، ثم جمع ضباطه وقواده في اليوم السابع والعشرين من مايو، وخطب فيهم كما تقول قصة أخذ القسطنطينية لشلومبرجر فقال:
إنني لم أجمعكم في هذا المكان لأبعث روح الحماس فيكم، فما ينقصكم هذا الروح، ولقد أظهرتم هذا الروح في أكثر من موضع، ولقد سرت عدوى هذه القوة إلى نفوس جنودكم، ولكني جمعتكم لأعرض أمامكم المكافأة والثواب الذي سينالكم بعد الهجوم القريب المنتظر، فأمامكم مدينة الكنوز والثروة والجمال والغنى والنفائس التي تزدحم بها الكنائس العديدة والقصور الكثيرة. ستأسرون سادة القوم وتستعبدونهم، وهناك النساء الجميلات والحور العين اللاتي لم تقع عين إنسان على مثلهن، ستتزوجون بمن تشاءون منهن وتستخدمون من تشاءون.
وصور السلطان جمال قصور القسطنطينية وقال إنه:
يعدهم بمدينة عظيمة هي عاصمة الرومانيين القدماء، مدينة المجد والترف والعز، مركز العالم - هذه المدينة ستستبيحونها بما فيها من كنوز ورجال ونساء، وذلك بعد أن وقفت أعواما طوالا أمام الأتراك وأمام الإسلام وعملت على إضعافه واتحدت مع أعدائه. «إن سقوط القسطنطينية سيعطي للعثمانيين الطمأنينة النهائية، ويفتح لهم كل بلاد الإغريق» وبين السلطان لجنوده «أن فتح هذه المدينة ليس بالأمر العسير، فهي لن تقف أمام هجومهم» لقد سدت خنادقها وتهدمت أسوارها، وانفتحت فيها ثغرات كبيرة، وأن الطريق أمامهم واسعة لنيل المجد والعز واللذة، فالمدافعون قليلو العدد قد أرهقوا إلى الموت، وليس لديهم من السلاح أو عدد الحرب ما يستطيعون أن يناضلوا به مدة طويلة «ولذا فالنصر مكفول لنا».
وأشار إلى أنه بالإرادة القوية والعزيمة الصادقة والطاعة العمياء في تنفيذ الأوامر واتباع النظام، فالنصر مضمون لا مراء فيه.
अज्ञात पृष्ठ