सुल्तान मुहम्मद फतेह
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
शैलियों
فتح القسطنطينية
ولكن السلطان محمد الثاني ما كان يعرف اليأس أو يتسرب إلى نفسه القنوط، فعاد إلى اتخاذ خطط جديدة. وفي أثناء ذلك الوقت رجعت البعثة التي كانت أرسلتها القسطنطينية لتستحث أسطول البندقية الذي كان يظن أنه موجود في البحر الأرخبيلي. لم تجد هذه البعثة الأسطول، ورجعت متحطمة الآمال. ولما عرفت المدينة المحاصرة ذلك النبأ العظيم سكنت قلوب أهلها لحظة وذرفت عينا الإمبراطور البيزنطي بالدموع، وكان ذلك آلم خبر تلقته المدينة البائسة المفزوعة التي توشك أن تقع في أيدي أعداء حلفوا جهد أيمانهم ليستبيحنها. كان ذلك الأسطول آخر أمل لهؤلاء المحاصرين المرهقين الذين لم يذوقوا طعم النوم ولا الراحة، كان آخر أمل لهم مجيء أسطول البندقية لنصرتهم وإمدادهم وإعطائهم فرصة للأمل في الحياة والراحة والهدوء بعضا من الوقت، ولكن توفي ذلك الأمل كما توفيت الآمال السابقة.
كان ذلك في مساء 23 مايو، وعرف أهل القسطنطينية أن المسألة مسألة أيام للهجوم التركي العام والاستيلاء على المدينة. ولقد عقد الإمبراطور مجلسا للنظر في الحالة، فنصح أعضاء ذلك المجلس له بالهرب، وإذا لم يمكن حماية المدينة، فيجب حماية الإمبراطور. عند ذلك أغمي على ذلك الإمبراطور الذي ناءت به المخاوف وأنهكه بذل النشاط المتواصل، وكاد يقتله التعب المستمر فما عرف راحة ولا هدوءا عقليا أو جسميا، ولكنه أبى إلا أن يشارك أهل المدينة مصيرهم، وقال «إن عددا كبيرا من الأباطرة قد مات وهو يحمل السلاح ويقاتل في ميدان الحرب ، ولن يكون هو الوحيد الذي يفر من ميدان القتال خوفا من الموت أو حرصا على الحياة.»
وأما في الجانب الإسلامي، فلقد عرف الأتراك العثمانيون أن المدفع وحده والصبر هما اللذان سيقضيان على هذه المدينة؛ ولذا فالضرب مستمر ليلا ونهارا، واشتغل أهل المدينة رجالا وشبانا وشيبا ونساء وأطفالا في تعمير العطب الفادح الذي لحق الأسوار، وانتظروا جميعهم في هلع متزايد من ساعة لأخرى هجوما عاما للأتراك لا يبقي أمامه شيئا ولا يذر.
وكثرت الأوهام والخيالات، وتصور الناس ما شاء لهم التصور، فبعضهم تصور جيشا مجريا عظيما بقيادة هونيادي قد زحف لتخليص القسطنطينية، وتوهم البعض أسطولا عظيما قادما من البحر، وظن الآخرون أن الملائكة سيتدخلون في آخر لحظة ويدمرون الأعداء تدميرا.
ولكن هذه الخيالات كانت سرعان ما تنقشع وهذه الأوهام سرعان ما تتبدد وأصبحت هباء لا قيمة له ولا غناء أمام الوقائع والحقائق التي تراها أعينهم ويحسونها. لقد مضى زمن المعجزات وخارت قوة الدفاع، ولم يبق في قوس الصبر منزع، وكيف يحيا أمل أمام قوة الأتراك الساحقة وتصميمهم على أخذ المدينة، وأمام مدافعهم الضخمة التي تحدث من الدوي ما تهلع له القلوب، وتحدث من التخريب والتحطيم في أسوار المدينة ما شاءت أن تصنع؟
وركز ضرب المدافع الشديدة في ثلاث نقط من ناحية باب أدرنة، وباب القديس رومانوس، والثالثة ناحية الباب الثالث الحربي، ووضع سكان المدينة أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت، وكان أكثر النواحي عطبا الناحيتين الأوليين.
ثم أرسل السلطان محمد الثاني قائد هذه القوة العظيمة وزعيم ذلك الشعب القاهر المنصور، أرسل رسوله إسماعيل حمزة اسفنديار أوغلي لكي يحمل إلى الإمبراطور البيزنطي نصيحة سيده فيقرر له أنه لم يعد هناك فائدة من الاستمرار في الحرب، وأن المدينة ستسقط عنوة، وتنهب، وتنتهك حرماتها، يقتل رجالها وتصطفى نساؤها وأطفالها، أو تباع في الأسواق، وأن السلطان محمدا يقترح أن يخرج الإمبراطور من المدينة هو وأهله وحاشيته وبلاطه إلى البلوبونيز، ويحكم هناك، ومن شاء من أهل المدينة فليخرج في أمان، ويتعهد السلطان بحماية الباقين والمحافظة على حياتهم وممتلكاتهم، وذلك إذا قبل الإمبراطور تسليم المدينة.
وكان يربط اسفنديار بقسطنطين صلات معرفة قديمة، فنصحه بالتسليم، ويظن بعض المؤرخين أن السلطان لم يكن مخلصا في دعوته هذه، وما كان يريد فعلا تسليم قسطنطين، وإنما كان يريد أن يدرس الحالة النفسية في القسطنطينية، ولا يوجد شيء يدعو إلى الشك في إخلاص السلطان في دعوته قسطنطين؛ فهو يعرف أن المدينة قد تستطيع الدفاع مدة أخرى، وهو بلا شك يرغب في حقن دماء الفريقين ما دام يستطيع الوصول إلى غايته، وهي أخذ المدينة، ولكن كان السلطان يفهم أنه لن يخسر شيئا من وراء إيفاد هذه البعثة؛ فهي إذا لم تصل إلى غرضها تستطيع التقرير عن حالة المدينة.
على أي حال كان الإمبراطور قسطنطين يفهم ما يقضي به عليه واجبه، ويعمل على المحافظة على مركزه؛ فهو لن يقيم على ضيم يراد به مهما كانت النتائج، لقد كان يستطيع الفرار إذا كانت الحياة الدنيا قد ملكت عليه نفسه، ولكن قسطنطين بين لمبعوث السلطان أنه لن يستطيع قبول هذه الشروط المهينة، وأنه لم يطلب ولن يطلب بديلا بمدينته، وعاصمة ملكه، وحاضرة من سبقوه من الأباطرة ألف عام، ثم بعد ذلك ليس لديه أي سلطة تبيح له تسليم المدينة، وأنه قد وطد النفس على الموت.
अज्ञात पृष्ठ