وانبعث في الحاضرة المتخاذلة وعي جديد يشبه ان يكون تحسسا بالواجب ، أو استعدادا له.
وكان التثاقل عن الحرب حبا بالعافية أو انصهارا بدعاوات الشام ، قد اخذ حظه من أهل الكوفة وممن حولها.
اما هذا الوعي الجديد الذي يدين لهؤلاء الخطباء المفوهين ، فلم يلبث أن بعث في كثير من المتثاقلين رغبة ، فأثارت الرغبة نشاطا ، فانبثق من النشاط حماس.
ونجحت دعاوة الشيعة الى حد ما ، في اكتساب العدد الاكبر من المتحمسين للحرب ، رغم المواقف اللئيمة التي وقفها يومئذ المعارضون في الكوفة « ونشط الناس للخروج الى معسكرهم (1)».
ونجحت الى حد بعيد في اكتساب الرأي العام ، في الكوفة وأسباعها وقبائلها ، وفي الضواحي القريبة التي لا تنقطع بمواصلاتها اليومية ، عن اسواق الكوفة ، وعن مراكز القضاء والادارة فيها.
وكان من براعة خطباء الحسن ، انهم أحسنوا استغلال الذهنية المؤاتية في الناس ، فبذلوا قصارى امكانياتهم في الدعوة الى أهل البيت تحت ستار الدعوة للجهاد.
وبحت حناجر الاولياء ، فيما يعرضون من مناقب آل محمد ومثالب أعدائهم. ومروا على مختلف نوادي الكوفة وأحيائها وأماكنها العامة ، ينبهون الناس الى المركز الممتاز الذي ينفرد به سيدا شباب اهل الجنة اللذان لا يعدل بهما أحد من المسلمين ، والى الصلابة الدينية المركزة الموروثة في أهل بيت الوحي ، والمزايا التي يستأثر بها هذا الفخذ من هاشم في العلم والطهارة والزهد بالدنيا والتضحية في الله والعمل لاصلاح الامة ووجوب المودة على المؤمنين.
पृष्ठ 128