सूफ़िया: नशात और तारीख
الصوفية: نشأتها وتاريخها
शैलियों
وإذا لم يعد من الضروري اعتبار الغزالي الرجل الذي أدخل الصوفية أخيرا في «التيار السائد» - كما لو أنها كانت من قبل في أي مكان آخر - فإنه يعد مثالا للقوة التي أتت من ارتباط الصوفيين بمؤسسات التعليم الجديدة المدعومة من الحكومة. وعلى الرغم من أن كتابه الرائع «إحياء علوم الدين» ليس أكثر كتب الصوفية أصالة، فقد أدى وظيفة مهمة تتمثل في التنظيم المنهجي لكثير من الأفكار التي كونها الصوفيون الأوائل في شكل متماسك وممكن الفهم. نتيجة لذلك، أصبح الكتاب مقروءا لعدة قرون بعد وفاته وحتى يومنا الحاضر. ومن ضمن مؤلفاته الأخرى الكثيرة (التي تضمنت رسالة قصيرة مؤثرة وافق فيها بين آية النور في القرآن - الآية الخامسة والثلاثين من سورة النور - وأفكار الصوفيين حول النور المحمدي الكوني)، كان أكثر هذه الأعمال فاعلية في ترويج الصوفية سيرة ذاتية بديعة مكتوبة بالعربية، وصف فيها هذا العالم، الأكثر شهرة في زمنه، رحلته إلى الحقيقة بأنها رحلة جرب فيها كل فروع الفلسفة والتعلم من الكتب قبل أن يدرك في النهاية أن الصوفيين هم من يملكون المفاتيح الحقيقية للحكمة.
95
بينما كانت «المدرسة» بالتأكيد منطقة مهمة للتأثير الصوفي، فقد كانت الخانقاه (أي المكان الذي يقيم فيه الصوفيون) هي المؤسسة الصوفية الأشد تميزا، والتي تشكلت في خراسان خلال هذه الفترة، وسيدعمها لاحقا في القرنين الحادي عشر والثاني عشر السلاجقة أيضا. وعلى الرغم من أنه في كل من الحدود الشرقية والغربية للحكم الإسلامي، سكن في السابق زهاد الحدود في أماكن محصنة عرفت باسم «الرباطات» (وهو مصطلح سوف يستخدم لاحقا أيضا في بعض المناطق للإشارة إلى مساكن الصوفيين)، ففي أغلب الأحيان كان الصوفيون الأوائل في العراق وخراسان يتقابلون في منازل شيوخهم أو في الجوامع العامة.
96
تكونت تجمعاتهم - التي تشبه تجمعات علماء الدين، الذين لم يختلفوا عنهم اختلافا واضحا - من خلال مفهوم «الحلقة» المجتمعة حول عالم معين. وكما رأينا، فإنه يبدو أن معظم الصوفيين الأوائل كانت لديهم وظائف نهارية، سواء أكانوا حرفيين أم علماء. وعلى الرغم من أن بعض الصوفيين الأوائل (مثل الحكيم الترمذي) كانوا أثرياء، فإنهم لم يكونوا أثرياء بسبب تعاليمهم أو بسبب مزاعم مكانتهم الروحانية. وعلى مدار القرون، ما بين القرن الحادي عشر والقرن الرابع عشر تقريبا، تغيرت هذه الصورة جذريا، وأول خطوة في هذا الاتجاه كانت تكوين مؤسسات مخصصة تحديدا للنشاط الصوفي. وعلى الرغم من أننا سنشهد النتائج الأكمل لهذه التطورات في الفصل الثاني، فإن أسسها وضعت بالفعل قبل القرن الثاني عشر.
شكل 1-4: أولى المؤسسات الصوفية: رباط في جواردامار، إسبانيا (تصوير: نايل جرين).
على الأرجح، توجد أقدم النسخ الباقية لأحد هذه المساكن الصوفية في أقصى غرب العالم الإسلامي في فترة العصور الوسطى في إسبانيا؛ وذلك بفضل الاكتشافات القائمة على المصادفة الخاصة بعمليات الحفظ والبحث الأثري أكثر من أي أولوية تاريخية كامنة. هذا هو الرباط الذي يعود للقرن العاشر، والذي استخرج في أواخر ثمانينيات القرن العشرين من الكثبان الرملية الساحلية في جواردامار في المقاطعة الإسبانية المعاصرة فالنسيا، التي كانت جزءا من الخلافة الإسلامية في قرطبة وقت إنشاء ذلك الرباط.
97
تأسس هذا الرباط عام 944 وفقا للكتابة العربية المكتوبة على حجر الأساس خاصته، وكان يتكون من مسجد للصلاة، ومنطقة استقبال كبيرة، وغرف لإقامة الزائرين، وثلاث عشرة صومعة للزهاد المقيمين.
98
अज्ञात पृष्ठ