3 - أخبرنا الشيخ الثقة أبو الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر بن أحمد بن محمد بن سعيد الفسوي التاجر نزيل نيسابور، فيما كتب لي بخطه وأطلق لي الرواية عنه رحمه الله، أنبأ أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن نصير بن عطا بن واصل القرشي الصوفي الرازي قراءة عليه بنيسابور، أنبأ أبو عبد الله محمد بن أيوب بن يحيى بن ضريس البجلي الرازي أنبأ عثمان بن مطيع السلمي #47# ثنا العلاء بن زيدل عن أنس بن مالك رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لما أمر الله تعالى ذا القرنين بالسيرورة إلى المشرق والمغرب، سار، فكان لا ينزل منزلا إلا أخبر أهله بأمر الدنيا والآخرة، فنزل على ملك من ملوك بني إسرائيل فسأله ذلك الملك أن يا ذا القرنين إني سائلك عن خصال أربع فخبرني بهن وعلمنيهن: ما اثنان قائمان واثنان مختلفان واثنان مشتركان واثنان متباغضان؟ قال: قد سألتني عن عجب، وسأخبرك بهن وأعلمكهن، أما الاثنان القائمان فالسماء والأرض لم تزولا منذ أقامهما الله تعالى، والاثنان المختلفان فالشمس والقمر متفرقان، وأما المشتركان فالليل والنهار، والاثنان المتباغضان فالموت والحياة لا يتناسبان، ثم سار ذو القرنين حتى بلغ تخوم السماء والأرض، ثم نزل وعسكره، فقال: يا أيها الناس، إني مجاوز السماء والأرض فلا أعرفن أحدا يحمل معه شيخا ولا امرأة ولا صبيا، ومعه شاب له والد شيخ كبير، ففزع الفتى لأبيه أن يخلفه بين السماء والأرض، فأتى أباه فقال: يا أبه إن ملكنا قد #48# أمرنا أن لا نحمل شيخا ولا امرأة ولا صبيا، فكيف أصنع بك، فقال: يا بني احملني فإنه سيحتاج إلي، اشتر لي أتانا له جحيش، قال فطلب له حتى أصاب له أتانا له جحيش، فاشتراها له وبادر ذو القرنين بالرحيل فقال الشيخ لابنه: شد قماط الجحش ودعه مكانه،
فسار الناس حتى خرجوا من تخوم السماء والأرض فساروا اثني عشر يوما في ظلمة شديدة ولا يبصر بعضهم بعضا، ليس فوقهم شيء، في رضاض وحجر حتى انتهى إلى البحر الأسود، قائم لا يجري ليس له قعر، فعسكر على شفير البحر، فنظر في لجة البحر في سوادها فإذا هو بجبل في لجة البحر ذاهب في الهواء، عليه ملك من الملائكة موكل بذلك الجبل، نصف خلقه ثلج ونصف خلقه نار آخذ بعروة الجبل، ومشى ذو القرنين على وجه الماء وخلف العسكر، فناداه الملك يا ذا القرنين يا خاطيء ابن الخاطيء على ما مشيت؟! على وجه بحر ليس له قعر، قال: فارتسب فزعا، فقبض عليه الملك، أخذ بذراعه قال: قم يا ضعيف أين تريد قال: ومن أنت قال: ملك من الملائكة وكلني ربي بهذا الجبل، وإن جبال الأرض كلها عرق هذا الجبل، إذا أراد الله تعالى خسف أرض أو زلزلتها حركت عرقا منها فأقلبها، فارجع كما جئت ليس خلفك شيء ولا أمامك شيء،
فرجع فنادى في أصحابه هل أحد حمل معه شيخا؟ قال فجاء الفتى ابن الشيخ يسعى قال: ما كنت صانعا بمن عصاك؟ فأنا ذاك، قال وما صنعت؟ قال إنك نهيت أن لا نحمل معنا شيخا أو امرأة أو صبيا، وإني حملت والدي شيخا كبيرا كرهت أن أخلفه فيهلك، قال: هلا وصى بشيء؟ قال أوصاني أن أشتري له أتانا لها جحيش، ثم أمرني فأوثقت الجحيش موضع العسكر، فقال إنه لم يخرجنا من #49# هذه الظلمة إلا هذه الأتان تحن إلى جحيشها، فقال: صدق الشيخ فقدمه، فقدموه فانسلت الأتان مثل الحية تحن إلى ولدها والجنود خلفه،
ومروا برضاض وحجارة كثيرة، ونادى ذو القرنين أيها الناس خذوا من هذه الحجارة فإنه من أخذ يندم، ومن لم يأخذ يندم، قال فتناول الناس فمنهم من أخذ وأكثر ومنهم من لم يأخذ إلا قليلا، قال فضرب الفتى ابن الشيخ يده إلى حجر ضخم فأخذه فأثقل يديه، ثم انتهوا إلى العسكر الذي كان فيه الجحيش فنظروا فإذا الذي أخذوا ياقوتة حمراء وزبرجدة خضراء، فندم الذي لم يأخذ وندم الذي أخذ قليلا، قال فنظر الفتى في الحجر الذي كان أخذ فناوله أباه فقال: يا أبه إني أخذت هذا الحجر فأثقلني فلم أزد إليه شيئا، فماذا الحجر؟ قال زنه فانظر ما ترى، فوضعه في كفة الميزان فكلما وضع الوزن كان الحجر أثقل من ذلك الوزن وكلما زاد في الوزن زاد ذلك ثقلا قال يا بني قد أعياني هذا الحجر لا أدري ما هو، انطلق به إلى الملك يخبرك ما هو، فجاء به إلى ذي القرنين فنظر إليه فدعا بالميزان فوضعه في كفة الميزان ثم وضع عليه كفا من تراب ثم وضع ما يوزن فقام، فقال هذا عين ابن آدم لا يملأه إلا التراب.
هذا حديث حسن غريب عجيب معدود في السداسيات.
पृष्ठ 46