Springs of the Pulpit: A Collection of Sermons and Articles - Volume 1
ينابيع المنبر مجموعة خطب ومقالات المجموعة الأولى
शैलियों
ولنطرق أسماعنا لهذا الحديث العظيم أيضًا: في الصحيح عن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» (١).
نعم يكمل الشعور بحلاوة الإيمان عندما يتأصل حب الله تعالى ثم حب رسوله ﷺ في نفسك وذلك لا يكون إلا بالاتباع والطاعة والتسليم والرضا بشريعة رب العالمين، وعدم الاعتراض عليها ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ (٢)، ويكون أيضًا بعدم مساواة محبة المخلوقين لحب الله تعالى. قال جل وعلا: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾ (٣).
ما أحسنَ اتصال هذه الآية بما قبلها، فإنه تعالى لما بيَّن وحدانيته وأدلتها القاطعة، وبراهينها الساطعةَ الموصلةَ إلى علم اليقين، المزيلةَ لكلِّ شكٍ، ذكر هنا أن ﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾ مع هذا البيان التام من يتخذ من المخلوقين أندادًا لله أي: نظراء ومثلاء، يساويهم في الله بالعبادة والمحبة، والتعظيم والطاعة، ومن كان بهذه الحالة -
_________
(١) صحيح البخاري (١/ ١٢ - ١٦).
(٢) [الأحزاب: ٣٦].
(٣) [البقرة: ١٦٥].
1 / 40