Conceptual
بين الله ومجموع أحواله.
62
ويدرك ولفسون الاعتراض الذي سيوجه إليه حتما في هذا الصدد، وهو أن الله يغدو عندئذ «كائنا عقليا
ens ratlonis »، ثم يرد على هذا الاعتراض على نحو غاية في التكلف والاصطناع، فيقول إن الله «كائن عقلي» بمعنى أن العقل «يكتشف» وجوده الحقيقي. أما في الواقع فإن الله «كائن حقيقي
ens reale ».
63
والحق أنني قرأت مليا هذه الصفحات التي بحث فيها ولفسون مشكلة إمكان أو عدم إمكان وجود تمييز بين الله والعالم؛ إذ إن هذه المشكلة حاسمة في رأيي، ولكني لم أجد في هذه الصفحات - على التخصيص - ما يرضي الذهن المدقق على الإطلاق، بل إن ولفسون يسوق رده على الاعتراض الذي أشرنا إليه أخيرا، مستندا إلى رأيه الخاص، ولا يدعمه بأية أسانيد قوية من كتابات اسپينوزا ذاتها، وكان من الواضح في نظري أن هذه الصفحات، التي تناولت مشكلة أساسية في فلسفة اسپينوزا، كانت بالفعل، من حيث مدى حججها ومنطقها، أضعف صفحات الكتاب كله، بحيث لا يملك القارئ إلا أن يشعر بأنه تهرب هنا من المشكلة أو حاول أن يتخلص منها بسرعة، وبأنه لم يصل إلى دليل معقول أو حجة مقنعة تثبت فكرة تميز الله عن العالم. (ج)
ويعترف «ألكييه» - في مجموعة محاضرات ألقاها في السربون عام 1959م - بأن إله اسپينوزا هو الطبيعة وجوهره جوهر العالم، ويؤكد أن ذلك ليس موضوع مناقشة. ثم يقول: «ومع ذلك فلا يمكن لهذا السبب أن ينظر إلى تفكير اسپينوزا على أنه نوع من المذهب الطبيعي
naturalisme ، يقضي، إن جاز هذا التعبير، على البعد الديني بكل ما فيه من أمل وحب وسمو. فلست أعتقد أن هذا التفسير صحيح. بل يبدو لي، على العكس من ذلك، أن هدف اسپينوزا في كل هذا هو أن يثبت أنه، حتى في العالم الرياضي الذي هو عالمه، وكذلك عالم عصره والعلم الجديد، يمكن، بل يجب، إنقاذ الدين، أو على الأقل كل ما هو إيجابي فيه - بحيث إن إله اسپينوزا يستحق في رأيي بالفعل اسم الإله. وفيه من أوجه عدة، بل من أوجه هائلة العدد، صفات الإله التقليدي، أو على أية حال، إله ديكارت وإله اللاهوتيين.»
अज्ञात पृष्ठ