فما هي الأوصاف التي تستخلص من هذا التعريف؟ إنها هي الشمول واللانهائية المطلقة، أي مجموع الوجود بما فيه من صفات لا نهائية، كل صفة منها تعبير عن وجه لا نهائي، مكتف بذاته، من الأوجه التي يمكن أن يفهم بها الوجود.
هذا التعريف هو النمط الذي يتكرر، مع اختلافات بسيطة، في المواضع المختلفة من كتابات اسپينوزا؛ ففي الرسالة رقم 2، مثلا، يعرف الله بأنه «موجود يتألف من صفات لا متناهية، كل منها لا متناه أو مطلق الكمال في نوعه ...» وفي أول قضية يتحدث فيها عن الله، في كتاب الأخلاق، يقول: «الله، أو الجوهر المؤلف من صفات لا متناهية، كل منها يعبر عن ماهية أزلية لا متناهية، يوجد بالضرورة.»
18
ثم يعبر عن شمول فكرة الله أوضح تعبير فيقول: «كل ما يوجد، يوجد في الله، ولا يمكن أن يوجد شيء أو يتصور دون الله.»
19
وهكذا يحدد اسپينوزا لفكرة الله، في تعريفاته الأساسية، الأوصاف الآتية: الوجود الضروري، واللانهائية، والأزلية، والشمول، كل هذه الأوصاف لا تتعارض على الإطلاق مع مفهوم «الطبيعة من حيث هي مبدأ خلاق» أو «الطبيعة بوصفها النظام الكلي الشامل للعالم». ولقد رأيناه من قبل يصف الطبيعة بأنها موجودة بالضرورة. أما كونها لا نهائية وشاملة لكل ما هو موجود، وأزلية (في قوانينها التي لا تتبدل)، فهذا أمر يقره أي تفكير سليم.
ويقرر اسپينوزا أن الوجود والماهية، في الله، شيء واحد،
20
ومن الممكن أن تستخلص من ذلك صفة «الوحدة» ومع ذلك فإنه يرى في موضع آخر أن إطلاق هذه الصفة فيه قدر من الافتقار إلى الدقة: «فنحن لا نستطيع تصور الأشياء متصفة بصفة العدد إلا بعد ردها إلى جنس مشترك، فإذا كان في يدك مثلا دينار ودرهم، فلن يخطر بذهنك العدد: اثنان، إلا إذا أدرجت الدينار والدرهم تحت جنس واحد، هو قطعة النقود ... ومن هذا يتضح أن الشيء لا يمكن أن يقال عنه إنه واحد، أو وحيد، إلا بعد تصور شيء آخر له نفس تعريف الأول. غير أنه لما كان وجود الله هو ذاته ماهيته. ولما كنا لا نستطيع أن نكون عن ماهيته فكرة عامة، فمن المؤكد أن من يقول عن الله إنه واحد أو وحيد إما أنه لم يكون فكرة صحيحة عنه، أو يتحدث عنه بطريقة تفتقر تماما إلى الدقة.» (2-2) إضافة أوصاف لا تنطبق إلا على فكرة الطبيعة
والوصف الذي يخطر على الذهن توا، في هذا الصدد، هو وصف «الامتداد»، الذي كان في رأي اسپينوزا من أوصاف الله، شأنه تماما شأن وصف «الفكر».
अज्ञात पृष्ठ