164

स्पिनोजा

اسپينوزا

शैलियों

وموضع الغرابة هنا هو أن هذه الصبغة المادية التي كان يتخذها الله في اليهودية كانت هي ذاتها راجعة إلى ما في اليهودية من تشبيه للآلهة بالإنسان (وهو التشبيه الذي سبق أن تنبه المؤلف إلى عدم تمشيه مع تفكير اسپينوزا!) وواقع الأمر أن الفكرة لم تكن عند اسپينوزا إلا إشارة أخرى منه إلى أن المعنى الحقيقي لفكرة الله عنده هو مجموع الطبيعة؛ وبذلك يكون بين الطرفين أشد أنواع التناقض.

ولندع مفكرا يهوديا آخر، هو «واكسمان»، يرد على هاتين المحاولتين السابقتين، فيقول: «إن مذهب اسپينوزا، مجردا من لغته الشبيهة باللاهوتية، لا يكتفي بوصف إله مجرد من كل مسحة من التشخيص - أعني آلة لا متناهية، إن جاز هذا القول - وإنما يعزو أيضا إليه الامتداد، الذي هو الخاصية الأساسية للمادة، بوصفها إحدى الصفات الإلهية ... وهذه هي بعينها الأفكار التي كانت الفلسفة اليهودية في جميع صورها تنفر منها.»

47

ولقد تعرضت فكرة «الحب الإلهي» لدى اسپينوزا لسوء فهم كثير، لم يسلم منه معظم شراحه من اليهود وغير اليهود معا، وأرجعت هذه الفكرة إلى أصول صوفية أو لاهوتية أو لا عقلية متعددة. من بينها، بطبيعة الحال، الأصول اليهودية. وهكذا يوافق «چواكيم» على التقريب بين فكرة الحب الإلهي عند اسپينوزا وبين نظيرتها لدى «ليون العبري

Leone Ebreo » في كتابه «محاورات في الحب

Diologhi d’Amore »،

48

وتتردد محاولات التقريب هذه لدى عدد كبير من شراح اسپينوزا، وهي كلها تعتمد، كما هو واضح، على تفسير حرفي للفكرة على نحو يتيح إضفاء صبغة صوفية عليها. أما إذا أخذت الفكرة بالمعنى المضاد لمعناها الحرفي، على النحو الذي عرضناها به في هذا البحث، فلن يعود لمثل هذه المحاولات أي مجال. ومرة أخرى، نقتبس في تفنيد محاولات التقريب هذه رأيا سليما في مقال «واكسمان» الذي أشرنا إليه من قبل، قال فيه: «... إن ماهيته (أي هذا الحب) هي أعلى أنواع المذهب العقلي الذي يدرك الارتباط العلي الضروري بين كل الأشياء. وصحيح أن هذا النوع من الحب قد يؤدي إلى طمأنينة النفس، التي ينتج عنها رضاء رواقي ونوع من السرور الناجم عن شعور الإنسان بمعرفة شاملة لكل شيء، ولكنه لن يؤدي إلى أي شيء عدا ذلك، ومن الأمور الواضحة بذاتها أن الحب اليهودي لله ينطوي على أكثر من ذلك بكثير؛ إذ إنه انفعالي يجعل الله نوعا من الشخصية ...

ومع ذلك فإذا تحدثنا عن شكل الحب العقلي عند اسپينوزا ففي وسعنا قطعا أن ننتهي إلى أن اسپينوزا كانت تتملكه رغبة لا شعورية في استبقاء التعبيرات التي كانت تعني الكثير ليهود عصره، وربما له هو ذاته في شبابه الأول.»

49

अज्ञात पृष्ठ