وَعلل خُفْيَة تدق عَن أفهام للبشر وتلطف عَن الْقيَاس وَالنَّظَر لَا يعلمهَا إِلَّا الله جلّ ذكره
مُرَاعَاة ميل الصَّبِي للصناعة
وَرُبمَا نافر طباع إِنْسَان جَمِيع الْآدَاب والصنائع فَلم يعلق مِنْهَا بِشَيْء وَمن الدَّلِيل على ذَلِك أَن أُنَاسًا من أهل الْعقل راموا تَأْدِيب أَوْلَادهم واجتهدوا فِي ذَلِك وأنفقوا فِيهِ الْأَمْوَال فَلم يدركوا من ذَلِك مَا حاولوا فَلذَلِك يَنْبَغِي لمدير الصَّبِي إِذا رام اخْتِيَار الصِّنَاعَة أَن يزن أَولا طبع الصَّبِي ويسير قريحته ويخبر ذكاءه فيختار لَهُ الصناعات بِحَسب ذَلِك فَإِذا اخْتَار لَهُ إِحْدَى الصناعات تعرف قدر ميله إِلَيْهَا ورغبته فِيهَا وَنظر هَل جرت مِنْهُ على عرفان أم لَا وَهل أدواته وآلاته مساعدة لَهُ عَلَيْهَا أم خاذلة ثمَّ يبت الْعَزْم فَإِن ذَلِك احزم فِي التَّدْبِير وَأبْعد من أَن تذْهب أَيَّام الصَّبِي فِيمَا لَا يؤاتيه ضيَاعًا
كسب الصَّبِي من الصِّنَاعَة وفوائده
فَإِذا وغل الصَّبِي فِي صناعته بعض الوغول فَمن التَّدْبِير أَن يعرض للكسب وَيحمل على التعيش مِنْهَا فَإِنَّهُ يحصل فِي ذَلِك لَهُ منفعتان
إِحْدَاهمَا إِذا ذاق حلاوة الْكسْب بصناعته وَعرف غناها وجداها عظيمين لم يضجع فِي إحكامها وبلوغ أقصاها
1 / 105