सियार आलम अल-नुबला
سير أعلام النبلاء
प्रकाशक
دار الحديث
संस्करण संख्या
١٤٢٧هـ
प्रकाशन वर्ष
٢٠٠٦م
प्रकाशक स्थान
القاهرة
بِالمَعْرُوْفِ، وَإِرْشَادِ الجَاهِلِ وَتَفْهِيْمِهِ، وَزَجْرِ الفَاسِقِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، مَعَ أَدَاءِ الفَرَائِضِ فِي جَمَاعَةٍ بِخُشُوْعٍ وَطُمَأْنِيْنَةٍ وَانْكِسَارٍ وَإِيْمَانٍ، مَعَ أَدَاءِ الوَاجِبِ، وَاجْتِنَابِ الكَبَائِرِ وَكَثْرَةِ الدُّعَاءِ وَالاسْتِغْفَارِ، وَالصَّدَقَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَالتَّوَاضُعِ، وَالإِخْلاَصِ فِي جَمِيْعِ ذَلِكَ، لَشُغْلٌ عَظِيْمٌ جَسِيْمٌ، وَلَمَقَامُ أَصْحَابِ اليَمِيْنِ وَأَوْلِيَاءِ اللهِ المُتَّقِيْنَ، فَإِنَّ سَائِرَ ذَلِكَ مَطْلُوْبٌ. فَمَتَى تَشَاغَلَ العَابِدُ بِخِتْمَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَقَدْ خَالَفَ الحَنِيْفِيَّةَ السَّمْحَةَ، وَلَمْ يَنْهَضْ بِأَكْثَرِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَلاَ تَدَبَّرَ مَا يَتْلُوْهُ.
هَذَا السَّيِّدُ العَابِدُ الصَّاحِبُ كَانَ يَقُوْلُ لَمَّا شَاخَ: لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ وَكَذَلِكَ قَالَ لَهُ -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- فِي الصَّوْمِ، وما زال يناقصه حَتَّى قَالَ لَهُ: "صُمْ يَوْمًا، وَأَفْطِرْ يَوْمًا، صَوْمَ أَخِي دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ". وَثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُدَ" وَنَهَى -عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ. وَأَمَرَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ بِنَوْمِ قِسْطٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَقَالَ: "لَكِنِّي أَقُوْمُ وَأَنَامُ، وَأَصُوْمُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَآكُلُ اللَّحْمَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مني".
وكلُّ من لم يلزم نَفْسَهُ فِي تَعَبُّدِهِ وَأَوْرَادِهِ بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، يَنْدَمُ وَيَتَرَهَّبُ وَيَسُوْءُ مِزَاجُهُ وَيَفُوْتُهُ خَيْرٌ كَثِيْرٌ مِنْ متابعة سنة نبيه الرءوف الرحيم بالمؤمنين، والحريص عَلَى نَفْعِهِم، وَمَا زَالَ ﷺ مُعَلِّمًا لِلأُمَّةِ أَفْضَلَ الأَعْمَالِ، وَآمِرًا بِهَجْرِ التَّبَتُّلِ وَالرَّهْبَانِيَّةِ الَّتِي لَمْ يُبْعَثْ بِهَا، فَنَهَى عَنْ سَرْدِ الصَّوْمِ، وَنَهَى عَنِ الوِصَالِ، وَعَنْ قِيَامِ أَكْثَرِ اللَّيْلِ إِلاَّ فِي العَشْرِ الأَخِيْرِ، وَنَهَى عَنِ العُزْبَةِ لِلْمُسْتَطِيْعِ، وَنَهَى عَنْ تَرْكِ اللحم، إلى غير ذلك من الأوامر وَالنَّوَاهِي. فَالعَابِدُ بِلاَ مَعْرِفَةٍ لِكَثِيْرٍ مِنْ ذَلِكَ مَعْذُوْرٌ مَأْجُوْرٌ، وَالعَابِدُ العَالِمُ بِالآثَارِ المُحَمَّدِيَّةِ، المُتَجَاوِزِ لَهَا مَفْضُوْلٌ مَغْرُوْرٌ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ -تَعَالَى- أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ. أَلْهَمَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ حسن المتابعة وجنبنا الهوى والمخالفة.
وأورد في "السير" "٥/ ٣٩١":
أيوب، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: إِنَّمَا أَنْزَل اللهُ مُتَشَابِهَ القرآن ليُضَلَّ به.
فتعقبه الحافظ الذهبي بقوله: قُلْتُ: هَذِهِ عِبَارَةٌ رَدِيْئَةٌ، بَلْ إِنَّمَا أَنْزَلَهُ اللهُ -تَعَالَى- لِيَهْدِيَ بِهِ المُؤْمِنِيْنَ، وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِيْنَ، كَمَا أَخْبَرَنَا ﷿ في سورة البقرة.
1 / 42